فوجئ محمد علي صاحب دكـــان بــمالك العــقـــار وهو يــقـــطــع التيار الكهـــربائي عن المحل واستمر الانقطاع لمدة ستة أشهر مما كبده الكثير من الخسائر وقد تقدم برفع دعوى ضد صاحب العقار متهماً إياه بالتســبب في خسارته ومرفقاً بدعواه ما يستند من بيانات طالباً الحكم له بإلزام المدعى عليه بدفع قيمة ما تســــبب فيه من خســــائر بفعله غير المشروع. وكانت وقـــائع هـــذه الدعوى قد شهدتها المحكمة صاحبة الاختصاص وذلك حسب الإجراءات المتبعة حيث أقر المدعى عليه بوجود رابطة تعاقدية بينه والمدعي، عـــلاوة على اعتـــرافه بإقـــدامه على فصل التيار الكهربائي عن محل المدعي معللاً ذلك بالاستناد إلى عقد الإيجار الذي ينص في مادته الخامسة أنه يحق للطرف الأول فصـــل التيار الكــهــــربائي والماء عن المستأجر في حالة تأخره عن سداد قيمة الإيجار لمدة أسبوع واحد بعد استحقاق الدفع، غير ان محامي المدعي أوضح ان فصل التيار الكهربائي لم يكن له مبرر شرعي خاصة وان المدعي لم يتأخر في سداد الإيجار كما يزعم المدعى عليه، وإنما اساس الخلاف بين الخصمين يكمن في انه يوجد نص الحاقي في عقد الإيجار موقع عليه من قبل المدعى عليه فحواه ان العقد الموقع بينه وبين المدعي لا يعتبر سارياً إلا بعد دخول التيار الكهربائي وهذا الشرط من الوضوح والصحة ما يكفي لجعل استحقاق دفع قيمة الأجرة من لحظة سريان التيار الكهربائي عبر اسلاك المحل الخاص بالمدعي.
وأضاف المحامي ان المدعي سبق وان تقدم للمدعى عليه بقيمة الإيجار عن المدة اللاحقة لدخول التيار، إلا ان هذا الأخير أمتنع عن استلام المبلغ مطالباً ان يسلمه المدعي قيمة أجرة السنة السابقة لدخول التيار وهو أمر يخالف نصوص العقد المبرم.
الرأي القانوني
المحامي ساير الكريثي يوضح الرأي القانوني في هذه القضية قائلاً: الواقع ان القضية لازالت قيد النظر طالما ان الحكم الصادر فيها لم يصبح قطعيا بعد حيث ان المدعي وبما كفله له نظام المرافعات الشرعية في المواد (173) و (180) قد مارس حقه في الاعتراض على الحكم الصادر عن ناظر القضية مثل ما مارسه من قبل وهو يقيم دعواه في مواجهة المدعى عليه مستنداً على قاعدة (البينة على المدعي) مرفقا ما يسندها.. وهو ذات الحق الذي كفله النظام للمدعى عليه لإبداء دفوعه.
عموماً فإن هناك خطأ نتج عنه ضرر يستلزم الجبر وقد تقدم المدعي بما يملكه من بينات تثبت ما لحقه من ضرر جراء فعل المدعى عليه، وتقدم بطلب انتداب خبير وهو طلب لم يستجب له ناظر القضية مستنداً على ما يملكه من سلطات تقديرية.
بالنسبة لاعتراض المدعي الذي تقدم به لمحكمة التمييز فقد ضمنه ما يلزم لنقض الحكم الذي جاء مغايراً لم تقدم به من طلبات مفندا الحكم ومبدياً أسباب اعتراضه.
محكمة التمييز استجابت لما تقدم به المعترض في صلب لائحته فجاء قرارها بإعادة القضية لناظرها للعمل وفق ما أبدته من ملاحظات استناداً على نص المادة (187) من نظام المرافعات الشرعية.. ولإصرار ناظر القضية على حكمه وتمسك محكمة التمييز بملاحظاتها فقد تداول ملف القضية بين الجهتين لثلاث مرات وهو الآن لدى التمييز لتقرير ما هو لازم.
وحسب نص المادة (188) من نظام المرافعات الشرعية فإننا نرى بأن ما ستتخذه محكمة التمييز نظاماً حيال هذه القضية وهذا الحكم الصادر عن ناظرها لن يخرج عن احتمالين حسب نص النظام المذكور وهما:
1- في حال اقتناع محكمة التمييز بإجابة ناظر القضية على ملحوظاتها فإنها تصدق الحكم.
2- في حالة عدم اقتناع محكمة التمييز بالحكم وتمسك القاضي بحكمه فإن لها أن تنقض الحكم جملة وتفصيلاً أو بعضه حسب الأحوال مع ذكر السبب ومن ثم إحالة القضية إلى قاض آخر.
ومن الجائز أن تحكم محكمة التمييز في استدعاء ظروف القضية سرعة الإجراء واذا ما كان موضوع النزاع بحالته صالحا للحكم فيه.. ويتحول الجواز إلى وجوب اذا تم النقض للمرة الثانية، وفي كل الأحوال التي تحكم فيها محكمة التمييز يجب ان يتم الحكم في حضور الخصوم والاستماع إلى أقوالهم.. وهذا الحكم يعتبر حكماً قطعياً بالإجماع أو بالأكثرية.