-A +A
عبدالله الغضوي (ديريك) GhadawiAbdullah@

* كيف كانت تشغل «داعش» طائرات «درون».. ومن هو الفريق المشغل؟

* لا عدالة ولا مساواة في دولة البغدادي المزعومة


* العراقيون كانوا يستولون على كل شيء بالتنظيم

* صراعات فكرية داخل داعش أدت إلى انهياره

* 12 خبيرا بريطانيا وأستراليا وتونسيا لتطوير طائرة من دون طيار

* البحريني تركي البنعلي دفع بالشباب إلى داعش



مساء يوم الجمعة في الثاني من شهر فبراير تلقيت اتصالا مفرحا، «لقد تمت الموافقة على لقاء بعض سجناء تنظيم داعش الإرهابي» في ديريك، وهي بلدة على الحدود السورية التركية شمالا، حيث موقع سجن بقايا التنظيم. أمضيت الليل تحضيرا لأسئلة لمعتقلين أشغلوا العالم بأعمالهم الإرهابية، وامتلأ دفتري بالأسئلة الفضولية لمعرفة كيف كان يفكر هؤلاء في ظل «دولة الخلافة» المزعومة، وكيف اعتنقوا هذا الفكر الإرهابي.. وفجأة قررت ألا أحضر أسئلة، فقد يكون ما في جعبتهم ما هو أهم من تساؤلاتي. صباح السبت، توجهت إلى مدينة ديريك، وحين وصلت وجدت مدير السجن بانتظاري، وكذلك سجناء التنظيم بانتظاري أكثر، كون هناك من سينقل أخبارهم خارج القضبان، ولاسيما أنهم تحدثوا بكل أريحية أمام مدير السجن. 3 سجناء فقط الحد المسموح به للقاء، الأول من الجنسية البحرينية، وقد قاتل في العراق وسورية، واستقر في مدينة دير الزور، والثاني يحمل الجنسية السعودية وهو أحد الخبراء في مجال تصميم طائرات «درون» (طائرة من دون طيار)، أما الثالث فهو تركي الجنسية، تحفظ على اسمه وعلى كل المعلومات الشخصية.. فماذا دار في الحوار مع دواعش كانوا بالأمس من أتباع البغدادي؟

سعودي .. خبير درون



• متى جئت إلى سورية؟

•• منذ نحو 6 سنوات، عندما كان عمري 16 عاماً.

• يعني ترعرعت في تنظيم داعش؟

•• لا لم أكن قد دخلت التنظيم في البداية، دخلت سورية في بداية الأحداث تقريباً في عام 2012 كنا مع «المهاجرين الأنصار»، وبعدها انتمينا إلى داعش في آخر عام 2013.

• ما هي الفصائل التي انضممت إليها في البداية؟

•• كنا في حلب مع المهاجرين الأنصار وقائدهم عمر الشيشاني، وكانوا يستقبلون جميع المهاجرين.

• كيف وجدت المعاملة في سجون الأكراد؟

•• لم نعانِ من الخوف في سجون الأكراد، كانت هناك إهانات في لحظة الاعتقال، لكن في السجن زالت.. وفي الحقيقة نعاني من مشكلة في الطعام، ففي الغالب يحتاج «الطعام» إلى المزيد من العناية.

• هل فعلا كنتم في دولة عادلة والجميع كأسنان المشط؟

•• هذه كذبة كبيرة يروج لها التنظيم في الوسط الخارجي، مثلا نحن السعوديين عندما كنا في داعش كانت لدينا جلساتنا الخاصة حسب عاداتنا وتقاليدنا نفضل ذلك ولم يكن هناك مشاركة أو اختلاط بيننا وبين العجم كما يشاع، فكل جماعة وبلد لديهم تجمعهم الخاص، حتى داخل السجون الآن هناك مشكلات بين بعضهم البعض.

• هل سلمت نفسك أم تم اعتقالك؟

•• سلمت نفسي لاستخبارات قوات سورية الديموقراطية، فقد اتفقت مع شخص كردي في الاستخبارات، وكنت أخطط للذهاب إلى تركيا وأعود إلى السعودية، وكلمت شخصا كرديا من هنا ليخرجني؛ لأنه لم تكن هناك طريقة أخرى صراحة للخروج إلا عن طريقهم.

• أين كنت تعمل في داعش؟

•• في استطلاع الطيران المسير «هندسة عسكرية».

• هل درست الهندسة؟

•• لا.. أنا خرجت من السعودية صغيراً، ولكنني دخلت دورة استطلاع خاصة 3 أشهر، بإشراف المدعو «أبو إسماعيل التونسي»، وكانت الدورة تبدأ من القطع الإلكترونية إلى ديناميكية الطيران.

• ما هو طيرانكم المسير؟

•• كان هناك 3 أنواع للطيران المسير، مثل ديجي ايفنتون، والفيكسوينغ لها 3 أنواع، والبايبر، الفيكسوينغ تحلق نحو 5 كيلو مترات، ومداها 115 كيلو مترا، والبايبر 7 كيلو مترات، والأوتو سيركر 600 كيلو متر.

• من أين كنتم تحصلون على هذه الطائرات؟

•• كانت صينية الصنع وأمريكية تأتي لنا عبر تركيا، عن طريق التهريب، وعندما أغلقت الحدود أصبحت تدخل من إدلب وحلب.

• متى كانت أول عملية استطلاع قمت بها؟

•• في حديثة في العراق، فقد عملت في حديثة والموصل والرقة.

• يبدو أنك شخص مهم في التنظيم؟

•• لا.. لست كذلك، ولكن لأنني كنت في المركزية في الطيران، وعملي لم يكن في الولاية، ذهبت إلى هناك لتقديم المساعدة، وأبو إسماعيل هو الذي طلبني.

• كم شخصا يعمل في مجال الطيران لديكم؟

•• كنا 12 فرداً في «المركزية»، ولم نكن نسمح لأحد أن يدخل معنا خوفاً من الاختراق.

• من أي بلد الخبراء؟

•• اثنان من أستراليا، وشخص واحد من بريطانيا، وما تبقى من تونس وباكستان.

• هل صحيح أن التنظيم هو الذي قام بصنعها أم هذه مجرد دعاية؟

•• بالفعل التنظيم هو الذي قام بصنعها، وأشرف على هذه الطائرات «الدرون» محمد الأسترالي أبو عمر، كان مهندس طيران، وأخوه أيضاً معتقل أبو البراء، وهو مهندس طيران أيضاً، وكان معنا شخص بريطاني ولكنه قتل في الرقة، كان لديه مشروع عن الدرون الأمريكية، وعندما جئت سمعت أنه كان يريد أن يخترع جهازا يعمل على ميغاهرتز، وهو عبارة عن فولتاج قوي يؤثر على الدرون فيسقطها مع نظيره أبو عمر الأسترالي، لكنه استهدف وتمت تصفيته، فوقف المشروع، والأسترالي لا يزال حياً.

• هل كنت مقتنعا خلال وجودك في التنظيم؟

•• عندما وجدت أن مسألة نصرة أهل الشام ليست في الطريق الصحيح، وانحرف المسار، بمعنى «اختلفت النية» قررت أن أغادر لكنهم كانوا يراقبونني، وبعد ذلك قابلت أبو محمد العدناني أثناء سجني وطلبت منه أن أغادر لكنهم رفضوا وخافوا أن أخرج وأعطي معلومات عن التنظيم.

• يقال إن العدناني أخطر رجل في التنظيم؟

•• صحيح.. كان مخضرما جداً وذكيا، وتعلم في سجن العراق، وقاتل في حلب في منطقة الباب، وتم اغتياله بوساطة «درون»، وكانت خسارة كبيرة للتنظيم، وتزعزع التنظيم من بعده، كان مسؤولا عن جميع أمور التنظيم، وكان والي الشام المتحدث الرسمي باسم التنظيم، كانت تحركاته الأمنية في الفترة الأولى عالية جدا، لم يكن ملتحيا.

• ما هو الشيء الذي تفكر به الآن أو يشغلك؟

•• والله أكثر شيء الزوجة والأولاد، والعودة إلى بلدي بعد كل هذه المسيرة الصعبة والمرة.. خصوصا أنني أعرف حكومتي ودولتي سوف تساعدني وتقف بجانبي وتهيئني فكرياً واجتماعياً.

• هل كانت تجربة الانضمام إلى داعش غلطة؟

•• اكتشفنا أن التنظيم كان على خطأ مع الأسف، وجئنا للمكان غير الصحيح، وأيضاً مسألة زج المهاجرين كانت عملية استخباراتية لحصرهم في مكان واحد.

بحريني نادم



• متى قررت الانضمام إلى داعش وكيف؟

•• دخلت إلى سورية في عام 2015، وكان قبلي عدد من الأصحاب، كنا متأثرين بأفكار تركي البنعلي حين يلقي خطبا في المساجد بالبحرين، وهو كان له دور في ذهاب العديد من الشباب إلى سورية.

• ما هي المناطق التي تحركت فيها ضمن سورية؟

•• تحركت في مناطق كثيرة، واستقررت في مدينة دير الزور إلى أن تم اعتقالي في العام 2017 في رأس العين على الحدود السورية التركية، حين خرجت من الرقة باتجاه الحدود لأدخل إلى تركيا ومن بعدها أغادر إلى بلادي.



• بعد اعتقالكم من قبل الأكراد في رأس العين هل تم ضربكم وإهانتكم؟

•• لا لم يقم أحد بضربنا أو إهانتنا، وأقسموا أنهم لن يقوموا بقتلنا وإيذائنا فقط يكفي أن نعترف أننا من تنظيم داعش، والحقيقة كانت معاملتهم حتى الآن جيدة.

• حدثني عن طريقة دخولك إلى الأراضي السورية؟

•• عندما كنت في البحرين كان هناك شخص اسمه «تركي البنعلي» منظرا للتيارات، وكنت أعرف إخوانه، وأصلي في المسجد الذي كان يصلي فيه، ويعطي حلقات لتحفيظ القرآن الكريم، وبعدها تعمقت علاقتي مع إخوانه وأصبحنا مجموعة نخرج رحلات إلى البر ونأخذ بعض الدروس، وتحمسنا جميعاً للجهاد، وخرج في ذلك الوقت الكثير من أصدقائنا إلى الجهاد في سورية، وبدأنا بالتواصل معهم ونسأل عن الأوضاع في سورية، فقالوا لنا الوضع جيد جداً ومن ثم أردنا التنسيق معهم فقالوا لنا سنعطيكم أرقام التنظيم، فقط عليكم الذهاب إلى تركيا والحديث معهم من هناك، فذهبنا إلى تركيا عن طريق قطر، وصلت إلى إسطنبول وتواصلت مع الأصحاب في سورية، لكي أخذ رقم المنسق لديهم، وقال لي اذهب إلى غازي عينتاب، وأعطاني اسم فندق هناك لكي أجلس فيه، وجلست في الفندق لليوم الثاني، ومن ثم طلب مني أن أعطيه مواصفات ملابسي، ومن ثم قال لي أخرج الآن، وعندما خرجت التقيت به وكان معي شخصان في الفندق أيضاً، لكنني لا أعرفهما، وخرجنا جميعاً معه وتوجهنا إلى سورية تهريبا، وتكلم المنسق مع أصحابه وأخبرهم بالاستعداد لاستقبال الوجبة الجديدة، وذهبنا إلى المعبر وركبنا السيارة، وكان معنا نحو 12 شخصاً، وطلب منا أن نمشي بين الأشجار، وفي حال سمعنا صوت إطلاق نار علينا التوقف، وكان معنا نساء وأطفال من التنظيم، توجهنا إلى الحدود التركية ودخلنا من منطقة الراعي إلى جرابلس، وجلسنا هناك وأخذوا معلومات عنا وبيانات وبدأ مشوارنا مع التنظيم.

• ماذا كنت تعمل في البحرين؟

•• موظفاً في وزارة الكهرباء والمياه.

• عندما كنت في الرقة، هل شعرت بأنك في المكان الذي تريده في حياتك؟

•• نعم.. هذا المكان الذي أردته، في البداية كان الوضع جيدا، وعندما ترى حدود الله عز وجل هي التي تحكمك تشعر بالسعادة، لكن فيما بعد كل شيء بدا وهما وخداعا.

• يعني كان ما يسمى بدولة الخلافة عادلة؟

•• لا طبعا.. هناك ظلم، ومن يتعمق بالتنظيم عن قرب يعرف كل شيء يحصل، مثلاً ما كنا نراه في السجون وظلم الأسرى وإهانتهم دون دلائل مجرد انتقام وافتراءات، نحن مثلا جئنا من بلادنا وتركنا أهلنا وعملنا كل ما نملك لنصر إخواننا المسلمين، لم نأت لكي نشتم، فعندما ترى هذه المعاملة من أخيك المسلم تشعر بالحزن الشديد، بينما هذا لم نره في سجون الأكراد الآن.

• هل كان هناك تفرقة بين السوري والعراقي والبحريني؟

•• نعم هذا صحيح؛ لأنهم كانوا يدعون المظلومية لسنين طويلة، والظلم الذي تعرضوا إليه لهذا كان لهم الأولوية في الحصول على المكافآت المادية والغنائم التي يحصل عليها التنظيم، والذي قام بتحريرهم هو أبو بكر البغدادي.

• كيف ترى أبو بكر البغدادي الآن بعد هذه التجربة؟

•• البغدادي هو من باع المهاجرين وكذب عليهم في كل شيء، وكان يميز العراقي عن غيره، وسمعنا أيضا أن الأموال التي تدخل «بيت المال» كانت كلها من أجل العراقيين فقط، وفتح لهم مكتبا في البوكمال، وهم دائما في المراتب المتقدمة.. لقد باعنا البغدادي، وذهب إلى مزبلة التاريخ

• ما هي التيارات التي كانت تتصارع داخل داعش؟

•• من أقوى التيارات وأبرزها تيار تركي بن علي، وتيار الحازمي، وعندما ترى تركي يُقتل، وأبو عبد البر الكويتي يأخذه من داعش ثم يقولون إن السجن قصف ما هذا إلا دلالة على حصول تصفية حسابات للقيادات.

• هل تعلم عائلتك بمكان وجودك الآن؟

•• لا.. لم أتواصل مع أهلي، لكن أرسلت لهم رسالة عن طريق الصليب الأحمر، ولا أعلم هل استلموها أم لا.

• كيف هي المعاملة في السجن؟

•• معاملتهم معنا جيدة، يهتمون بنا بشكل إنساني، يأتي إلينا طبيب ليرى حالتنا الصحية، ويقدمون أكثر من المفروض تقديمه.

• كم عدد المعارك التي شاركت بها؟

•• لم اشترك بالمعارك كان عملي إدارياً، وتم نقلي في البداية إلى الرمادي بالعراق، وكانت مسؤوليتنا إقامة الدورات الشرعية والأبحاث الإسلامية، كنت أنظم أمور الإدارة والأرشيف والبريد وما إلى ذلك.

تركي متكتم



رفض المعتقل التركي الذي لا يتجاوز الـ 20 عاما الإفصاح عن اسمه، أو حتى الكشف عن ملامح وجهه، وكان مرتبكا في الحديث ولا يريد الاستمرار في اللقاء، إلا أننا وجهنا بعض الأسئلة السريعة له.

• ما هي المناطق التي عملت بها في سورية؟

•• الرقة والطبقة فقط، كنت مسؤولا عن مقر المصابين ونقل الجرحى.

• ما هو عدد الأطباء والممرضين في التنظيم؟

•• كثر ضمن التنظيم من فرنسا وتركيا وألمانيا وسورية.

• لماذا ذهبت إلى التنظيم أو ما الذي استهواك للانضمام؟

•• كنت أتمنى أن أعيش ضمن دولة إسلامية، ولكن بعد انضمامي لهم اكتشفت أن الأمور اختلفت عما كنا نعتقد، في الفترة الأولى كان سبب انضمامي لمناصرة السوريين الذين يقتلون من قبل بشار الأسد، لكن وجدنا أن هذه الغاية انحرفت.

• لو لم تكن هناك حملة عسكرية على داعش، هل كنت ستكمل الرحلة مع التنظيم أم ماذا؟

•• الخروج من التنظيم ليس سهلاً بل إنه في غاية الخطورة، وهم مستعدون لقتلك في حال غادرت، ولكن مع ذلك حاولت مرة الخروج ودفعت له نحو 3 آلاف دولار لكنني لم أستطع، وبعدها قررت أن أسلم نفسي لعناصر الـ ي ب ك.

• هل تخشى العودة إلى تركيا ولو كان هناك سجن ينتظرك؟

•• لا أبداً.. لا أخشى ذلك، وهناك عائلتي ووالدي ووالدتي، على الأقل أكون مسجونا في بلدي.