بالرغم من تعدد وتوسع مفهوم الطبقة الوسطى، ومساحتها بين شرائح المجتمع (أي مجتمع) إلا أننا نكاد نصل إلى الحد الأدنى من التوافق حول مفهوم شبه محدد لها باعتبارها الطبقة المثقفة أو المنتجة أو التي تمارس وظيفة إدارية أو فنية تحقق لها دخلاً كافياً لمواجهة تكاليف الحياة اليومية، هذه الفئة وبهذا المفهوم كانت ولازالت في أغلب دول العالم هي الترمومتر الذي يقاس به مدى صعود التقدم الحضاري والرقي الاجتماعي والرفاه الاقتصادي لأي مجتمع من المجتمعات..
.. وفي منطقتنا العربية، وفي بلادنا تحديداً، اتسعت شريحة هذه الفئة (إذا قسنا الأمر بامتيازاتها المالية) باعتبار أن شريحة كبيرة من المجتمع موظفة إما في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وبدخولات مالية تبدو من الناحية النظرية أنها كافية لاحتياجاتها، إن لم تكن فائضة، قياساً بالاحتياجات اليومية الأساسية، والاستهلاكية.
ولكن المتأمل لسياق حركة المجتمع وظروفه غير المنطقية نجد هذه الطبقة غير قادرة على التعايش مع ظروفها برغم المردود المالي الذي تحصل عليه، باعتبار أن الذي لا يملك مسكناً أو غير القادر على الحصول على سكن خاص يعتبر عاجزاً مالياً أو غير مؤهل لاعتباره من أصحاب مميزات هذه الطبقة.
.. ومن وجهة نظري أن من الأسباب الحقيقية للكوارث المالية التي طعنت اقتصاد الأسرة السعودية في الخاصرة بالإضافة إلى الشراهة والجشع ممثلة في عمليات النصب في سوا وأخواتها.. وانهيارات سوق الأسهم.. هي رغبة أبناء هذه الطبقة في الخروج من أسر معاناة أبنائها في عدم امتلاك مسكن أو قلق أصحابها من تحديات المستقبل.. وعدم وجود وسيلة لضمان مالي كافٍ للمستقبل سوى الصعود السريع والدخول إلى لعبة المغامرة.
.. إن الدولة وهي تقدم لأبنائها من الطبقة الفقيرة البرامج السكنية ممثلة في الإسكان الشعبي والمنح الخيرية.. والدعم المالي.. وبرامج مكافحة الفقر ينبغي من وجهة نظر سياسية أن تنظر إلى الطبقة الوسطى باعتبارها الحاضن الأساس لتوازن المجتمع وتقديم برامج سكنية، مدفوعة القيمة ولكن عبر برامج تقسيط، وتفعيل دور الهيئات العمالية في كل مهنة من المهن لتحقيق حصانة المستقبل، وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني..
.. مع تحفيز الطبقة الغنية على أن تعي دورها في الحراك الاجتماعي فالتركيبة الاجتماعية مهما كانت تناقضاتها إذا لم يضبط إيقاعها فإن تأثر أو انكسار شريحة منها سوف يؤثر سلباً على كافة الطبقات والشرائح..
لذا فإن الاهتمام بالطبقة الوسطى مطلب أساس لا يقل أهمية عن الاهتمام بأي طبقة أخرى.. إن لم يكن له الأولوية إذا أردنا حماية مجتمعنا من التشظي.
الدولة.. والطبقة الوسطى
7 مايو 2006 - 19:43
|
آخر تحديث 7 مايو 2006 - 19:43
تابع قناة عكاظ على الواتساب