باقة من الشكر والامتنان لجميع المعنيين بشؤون حفظ الأمن في بلادنا، فلولا جهودهم لربما تحولت البلاد إلى ساحة موت ودمار، كما يريد لها أعداء الحياة.
بيان وزارة الداخلية الذي صدر يوم الاثنين الماضي عن تفاصيل القبض على الخلايا الداعشية الكامنة داخل المملكة، هو وإن كان يعطي صورة واضحة عن خطورة ما كانت تخطط له تلك الخلايا، كالاغتيال وتفجير مواقع رسمية وتدمير المباني واستهداف بعض الموارد الاقتصادية للبلد وبث الرعب والفزع بين الناس. إلا أنه أيضا يعطي مثالا قويا على تميز قدرات القوى الأمنية في بلادنا، فهذه المصادرة لتلك الخطط الإجرامية الكبيرة والمبادرة إلى إحباطها قبل أن تنفذ، هو إثبات كاف على ما تتمتع به قوات الأمن من وعي ويقظة، يبعثان على الثقة فيها والشعور بالاطمئنان في ظل حمايتها.
صحيح أن العمليات الإرهابية ليست محصورة في بلادنا فقد باتت منتشرة في البلاد الغربية كانتشارها بيننا، إلا أن الفرق هو أن ما يحدث في الغرب يحدث بأيد غريبة عن البلد وافدة إليه، وليست نبتة منبثقة من أرضه، حتى بات من المقترحات المطروحة في الغرب لمحاربة الإرهاب حظر دخول فئات معينة ينتمي إليها أغلب الإرهابيين.
أما في بلادنا فإن ما يحدث فيها من إرهاب، هو غالبا يحدث بأيدي أبنائها ممن ولدوا على أرضها ونشأوا تحت سمائها وارتووا بمائها، وهذا ما يجعل الابتلاء بهم أكبر بكثير من ابتلاء الغرب!! نحن مبتلون باختبار عظيم من رب العالمين، فأن يكون خصمك منك وفيك هو أشد قسوة وإيلاما من أن يكون غريبا عليك بعيدا عنك.
ما يلفت النظر في تصريحات المتحدث الأمني لوزارة الداخلية حول أولئك الإرهابيين المنغمسين في القتل والتخريب، أن النسبة الأكبر منهم ليست كما يصفهم بعض الناس، جماعة من العاطلين أو أصحاب السوابق الجنائية، أغلبهم يعيشون وضعا ماليا مستقرا ويعيشون حياة عادية بعيدة عن الوقوع في المشكلات. وهذا يعني أن القضية ليست رهينة بطالة أو انغماس في الانحراف الأخلاقي، وإنما هي مرتبطة أكثر بغسل الأدمغة وجعلها ترى الباطل في صورة الحق.
ومرة أخرى، لا يلوح في الأفق حل للنجاة من غسل الأدمغة، سوى تحصينها مسبقا بعمليات صقل للوعي وتدريب على التفكير العلمي الممنهج، مما يجب الاجتهاد في إدارة حملة لنشره وتعميمه بين الناس في كل مكان، بعيدا عن الانتظار إلى أن تقوم المدارس بذلك.