أرى أنه من حقنا الاحتفال بترسيم الحدود البحرية بين المملكة وجمهورية مصر العربية الشقيقة وعودة جزيرتي صنافير وتيران إلى السيادة السعودية.
وآيات القرآن الكريم التي تحض على الشكر لله كثيرة ووردت في مواضع متعددة ومنها ما يمكن أن أستشهد به على أن علينا أن نبدي الشكر أن سخر لبلادنا زعماء حكماء يعملون بصمت ويعرفون متى يغلبون مصلحة الأمة ومتى يغلبون مصالح بلادنا الوطنية.
فبهدوء سمح لمصر الشقيقة أن تستفيد من جزيرتي صنافير وتيران في الدفاع عن أمنها الوطني والأمن القومي العربي على مدى عدة عقود، وبهدوء تمت استعادتها ضمن مسألة أكبر وأعظم من تبعيتها المحسومة سلفا وهي مسألة ترسيم الحدود البحرية بين السعودية ومصر، ما انعكس بالإيجاب على إمكانية استفادة كل دولة من منطقتها الاقتصادية وإمكانية استفادتهما معا من الاستثمار المشترك في المنطقة البحرية الاقتصادية المشتركة، كما يحدث الآن فعلا في المنطقة الاقتصادية البحرية المشتركة بين السعودية والسودان.
ولا يجب التركيز في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين المملكة ومصر على الجوانب الاقتصادية وإن كانت مهمة للبلدين في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، بقدر ما يجب التركيز على إشاعة أجواء المحبة والوفاق بين البلدين وتعزيز التحالف الإستراتيجي المركزي بين أكبر دولتين عربيتين في المشرق العربي وانعكاساته الأمنية والعسكرية والاجتماعية في توحيد العرب وتعزيز قوتهم لاستعادة التوازن المفقود على المستويين العالمي والإقليمي لأمتنا العربية في مواجهة الأمم الأخرى التي تشاركنا الحياة في المنطقة أو تلك التي تؤثر عليها.
وانطلاقا من قول الله تعالى في محكم التنزيل (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِين) [الأعراف: 144]، فإني أدعو هنا لتظاهرة شكر وامتنان لله عز وجل بعد استلام قواتنا المسلحة الباسلة التي أسهمت إدارة المساحة العسكرية التابعة لها في ترسيم الحدود مساهمة علمية دقيقة وحاسمة.
وأقترح أن تكون هذه التظاهرة من الجانبين السعودي والمصري بحيث تتحرك قوارب متزامنة من الجانبين تحمل العشرات من طلاب المدارس الابتدائية مع معلميهم باتجاه الجزيرتين ليتم رفع بيارق التوحيد بأعداد كبيرة لا تخطئها العين من أي مكان في البحر أو من البر أو حتى من الفضاء الخارجي. ولتتم إقامة الصلاة وقراءة القرآن بشكل جماعي يشق عنان الفضاء للتعبير عن الشكر لله من قبل ومن بعد.
كما آمل إن وجد اقتراحي هذا قبولا أن يتم بناء مركز إسلامي متكامل ومسجد كبير ويحدد موعد سنوي ثابت في الجزيرتين لعقد مسابقة عالمية كبرى لقراءة القرآن ليرتبط مسمى الجزيرتين بقراءة القرآن الكريم لتعمر بذكر الله وليحل السلام والبركة على كافة أرجاء البلاد والعباد.
فبالشكر تدوم النعم. والشكر لله لا يكون بالطبل والزمر والحفلات الصاخبة بل بإقامة شعائره وغرس المفاهيم الأخلاقية الرفيعة والوطنية في نفوس النشء. فلنربط في أذهان الصغار بين الجزيرتين وقراءة القرآن.
أما الاستفادة الاقتصادية من الجزيرتين فيمكن أن ترتكز على السياحة العائلية النهارية والنشاطات الرياضية البحرية كالصيد والتجديف والغوص وتجهيز الفرق الرياضية الأولمبية، فالمحمية التي تقع فيها الجزيرتان تشتهر بتنوعها الأحيائي والجمالي وصفاء المياه. ويمكن بالتالي أن تكون مركز جذب عالمياً للرياضات الشبابية والسياحة النظيفة.