في مقال اليوم سنواصل قراءة الرسالة التي بعث بها إلى أهله، رجل من نجد مغترب عن بلده لطلب الرزق، حيث يسرد الرجل في رسالته مندهشا ما شاهده من أشكال الحضارة التي تخلو منها ديرته، يقول مخاطبا زوجته:
«ولقينا ديرة عجيبة، عندهم شي يسمونه خبز، لا هو قرصان ولا مراصيع، ولا تزينه الحريم في البيوت، يزينه رجال بعضهم عجم في دكاكين فيها تنور كبير ويبيعونه على الناس. زين ياكلونه يغطونه (يغمسونه) إما على بلول وإلا على حلًيْبه والا على حلو يسمونه شاهي، والطبيخ رز. أسامي عجيبة، واللي اعجب ويهوّل سرج تشب بليّا قاز، وحديد في الجدار يصب ماء، وحديد في السقف يهب هواء، ونشدنا مطوعهم عسى مهوب هذا سحر؟ قال لا هذا كرهب (كهرباء)، وفي ذمته!».
بعد ذلك ينتقل الرجل في رسالته إلى توصية زوجته بالقيام بأعمال يطلب منها إنجازها فيقول: «الله الله من يوم تسيلون وترد الركايا تكزون تخبرونا نسند لكم. واحرصوا على ملاقط الجمة، وبدّو (ابدأوا) النخل الصغار اللي ما أخذ على الهمال لا يموت، واجمعوا الجمة في اللز ثم اجروا المطلاع ونقذوا النخل لاتنقز قلوبه، واشذبوا العسبان اليابسة اخف له، والمعز والشياه اللي ما فيها مناخ طلعوها للبر مع عميلنا لاتهلك من الجوع. والفصلان ان كان خلص العلف اللي في الصفة بيعوها على القصاب مادام انها مرغوبة».
ونلاحظ من هذه الرسالة كيف أن تلك الأعمال الكثيرة والمهمة، كان مطلوبا من الزوجة القيام بها ومتابعة الإشراف عليها جميعها أثناء غياب الزوج في رحلته البعيدة والطويلة، وهو ما يؤكد قيمة الدور الذي كانت تقوم به النساء في المجتمع آنذاك، خاصة أولئك اللاتي يغيب عنهن أزواجهن.
ويمضي الرجل في وصاياه لزوجته فيوصيها برعاية أفراد أسرته أثناء غيابه (والداه وأخوه وعمه)، ويؤكد عليها أن تخصهم بالرعاية وبالطيب من الطعام، يقول:
«واحرصوا على ابوي وامي واخوي وعمي، خصوهم بالأكل الزين، ودحوم يودي ابوي كل وقت للمسجد قبل الأذان، والعبدي يودي عمي، وعثيمين يودي اخوي، يقضبون يديهم لا يروحون لحالهم ابد، خطر عليهم يطيحون، وقهوتهم وقدوعهم هم وأمي تزهبونها لهم تالي الليل قبل الفجر، وفطورهم عقب الصلاة، وغديهم عقب الظهر، وعشاهم عقب المغرب، ولا يخلي من سمينة وقريعات وما يتيسر».
نلاحظ هنا أن الرجل يحرص زوجته على رعاية والديه وأخيه وعمه ولم يشر إلى رعاية أبنائه، ربما لأنه لا يخشى عليهم من الإهمال وهم في حضن أمهم، أما أولئك فأمرهم يختلف.
وإلى الغد لقراءة ما تبقى من الرسالة إن شاء الله.
رسالة تستحق القراءة! (3/2)
3 أبريل 2016 - 21:12
|
آخر تحديث 3 أبريل 2016 - 21:12
تابع قناة عكاظ على الواتساب