-A +A
محمود المدني
تناقلت الصحف وشبكات التواصل الاجتماعي أخبارا عن تصرفات وسلوكيات بعض السياح الخليجيين في دول أوروبية التي خالفت الأنظمة والأعراف في تلك الدول. فهذه دولة أوروبية تكتب صحفها عن أولئك السياح الذين تركوا قمامتهم ومخلفاتهم في حديقة عامة على الأرض دون وضعها في المكان المخصص لها. وتلك صحيفة أخرى تتكلم عن انتهاك حقوق الطبيعة وحقوق الحيوان. وهناك صور ومقاطع فيديو عن رقصات في منتصف شوارع أوروبا، ناهيك عن السيارات الفارهة جدا لدواعي الاستعراض والوقوف بها في منتصف الشوارع الرئيسية مع تعطيل حركة المرور لا لشيء إلا للمفاخرة والتباهي وإزعاج السكان. والأعجب من هذا كله ذبح بطة بعد اصطيادها من بحيرة الحديقة العامة وطبخها!
والله، إني لأتعجب فلا أجد سببا يبرر هذه السلوكيات والتصرفات الغريبة جدا والشاذة التي بسببها تشوه الانطباع عن الخليج بأكمله. فهل، يا ترى، المشكلة في التربية التي لم تكترث للاهتمام بالأنظمة واحترام الآخر؟ أم هي في النظرة المتعالية والمتكبرة، والتي تقول في نفسها «بفلوسي أعمل أي شيء"؟ ، أم هو الإحساس باللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية؟ أم هو ضعف الوازع الديني؟ أم هو الإفلات من العقوبة في مجتمعاتنا التي خيلت لهم أنهم سيفلتون من العقاب في كل مكان؟ أم ماذا؟

كيف يستقيم أن تصرف الدولة مبالغ طائلة على الابتعاث والمؤتمرات والندوات في المناسبات والمحافل الدولية لتحسين صورة الوطن وقبلها الإسلام والمسلمين، ثم تأتي ثلة قليلة لا تمثل إلا نفسها لتسيء بتصرفاتها وسلوكياتها الهوجاء إلى صورة السائح الخليجي، وتسيء قبل هذا كله إلى نظرة الغير إلى الإسلام والمسلمين. إن من يرى تلك المناظر لا بد أن يأخذ انطباعا سيئا عن فاعلها وسينسبه إلى الجهل والتخلف والحماقة والرجعية والتكبر وعدم احترام الآخر، وديننا وتشريعاتنا وعاداتنا بريئة من ذلك كله.
هناك وسائل كثيرة لعلاج هذه المشكلة، ومنها، أولا: أن تكون هناك حملة توعوية تناقش تلك التصرفات وتبين سلبياتها، ولا تكون محصورة على المسافرين، بل على الجميع، وتبدأ من نشأة الأطفال في المدارس. ثانيا: اقترح على وزارة الخارجية أن تقوم بدورة تثقيفية سريعة لمن يسافر من المواطنين إلى تلك الدول. ثالثا: لا بد أن تقوم وزارة الخارجية بالتواصل مع الجهات التنفيذية في تلك الدول لتزويدها بأسماء من يتم القبض عليهم بتلك السلوكيات حتى يتم محاسبتهم وعقوبتهم في الوطن بالمنع من السفر عدة سنوات ويشهر بأسمائهم؛ كما أساءوا لسمعة بلدهم وأعطوا انطباعا سيئا عن الإسلام والمسلمين، فالعقوبة من جنس العمل.
للأسف، هناك من يتصيد أخطاء المسلمين ويرغب في أن يشوه سمعتهم وينشر زلاتهم ويظهرهم في أسوأ صورة، وأنت، أيها الأهوج، قد أظهرت المسلمين بهذا التصرف غير المسؤول بأنهم أهل جهل وحماقة وتخلف ورجعية وعدم احترام الأنظمة والآخرين. فلا تكن بأخطائك وزلاتك التي تعتبرها بسيطة في نظرك (وهي والله ليست كذلك) هدفا لتشويه وطنك، وقبل ذلك الإسلام والمسلمين، ينفع كده؟.