-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@

مصيبة الصين مصيبة كبيرة! هل هي حقيقة في أزمة صحية متفاقمة؟ أم أن أوضاعها الصحية عادية، لكن الإعلام الغربي حريص على تشويه الصورة، ورسم أخرى غير حقيقية لما يحدث في الصين؟ ومن عادة المسؤولين الصينيين أن يلتزموا الصمت تأدباً؛ إلا إذا فَجَرَ أخصامهم في خصومتهم. وآخر ما تداوله الإعلام الغربي خلال اليومين الماضيين: هل سيسفر التفاقم الراهن في عدد الحالات الفايروسية الجديدة في الصين عن ظهور سلالة متحورة وراثياً «عملاقة»، يمكن أن تعيد العالم إلى حربه على فايروس كورونا الجديد قبل ثلاث سنوات؟ ويبدو أن استخدام لفظ «عملاقة» لوصف السلالة التي يخشى ظهورها جاء من باب المبالغة، والتخويف، و«التشنيع» على الصين. فقد ذكرت «بلومبيرغ» أمس، أن تقريراً عالمياً أكد أن التزايد في عدد الإصابات الجديدة في الصين تقوده متحورات وراثية موجودة أصلاً على ظهر البسيطة. وصدر التقرير عن مختبر GSAID، الذي يضم عشرات من علماء دول العالم الذين يقومون بتقصي التسلسل الوراثي للإصابات بكورونا في كل أنحاء العالم. وقال المختبر، إنه ليست ثمة دلائل على وجود أي تحورات وراثية جديدة في السلالات التي تنهش الصين. وأشار المختبر إلى أن الصين أحالت إليه 25 عينة جديدة من إصابات في بكين، ومنغوليا الداخلية، ووغوانجو. وأضاف المختبر، أن علماءه تقصوا التسلسل الوراثي للعينات الصينية واتضح لهم أنها ليس فيها سوى التحورات الطبيعية الصغيرة التي تحدث لكل فايروس.

بيد أن «أسوشيتدبرس» قاربت المسألة من منظور أمريكي صرف. فقد كتبت أمس، تحت عنوان: «ارتفاع إصابات كوفيد-19 في الصين يزيد احتمالات ظهور متحورة جديدة من فايروس كورونا الجديد»، أن العلماء لا يعرفون إجابة دقيقة عما يمكن أن يحدث. «فقد تكون سلالة شبيهة بمتحورات أوميكرون الشائعة حالياً. وقد تكون مزيجاً من السلالات. وقد تكون شيئاً مختلفاً تماماً». واستشهدت «أسوشيتدبرس» بخبير مكافحة الأمراض المُعدية بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية الدكتور ستيوارت كامبيل راي، الذي قال «إن الصين مأهولة بعدد كبير جداً من السكان، وهناك حصانة مناعية محدودة. ويبدو أن تلك هي الظروف التي قد نرى فيها تفجّر متحورة جديدة». وخلص تحليل الخبير الأمريكي إلى أن كل إصابة جديدة بكورونا تتيح فرصة للفايروس لأن يتحور وراثياً. وقال إنه على رغم أن نسبة التطعيم بلقاحات كوفيد-19 في الصين مرتفعة جداً؛ إلا أن مستوى تعاطي الجرعة التنشيطية من اللقاحات متدنٍّ، خصوصاً بين المسنين. علاوة على أنه ثبت أن اللقاحات الصينية الصنع أقل فعالية لصد الإصابات الخطيرة، مقارنة باللقاحات الغربية التي تستخدم تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي (mRNA). والنتيجة أن التربة خصبة في الصين ليتحور الفايروس. وأضاف الدكتور راي، أنه كلما ارتفع عدد الحالات الجديدة فغالباً ما يتبعه ظهور متحورات جديدة. ونقلت الوكالة عن أستاذ علم الفايروسات في جامعة ولاية أوهايو الدكتور شان لو ليو قوله إن معظم السلالات المتحدرة من أوميكرون تم اكتشاف وجودها في الصين، بما فيها سلالة BF.7، التي يعتقد بأنها قادرة على تفادي فعالية المناعة المتأتية من اللقاح. كما يعتقد بأنها تقف وراء تسارع التفشي الذي تشهده الصين حالياً. وكان نائب مدير المركز الصيني للحد من الأمراض ومكافحتها سون يانغ قال، في إيجاز صحفي مغلق الأربعاء الماضي، إن نحو 250 مليون صيني أصيبوا بالفايروس خلال الأيام الـ20 الأولى من ديسمبر الجاري، وإن 37 مليوناً أصيبوا الثلاثاء الماضي وحده. وأعرب المسؤول الصحي الصيني عن اعتقاده بأن نصف عدد سكان بكين وسيشوان أصيبوا بالفايروس، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية. وفي لندن أيضاً، قالت شركة ايرفينيتي المتخصصة في نشر البيانات الصحية إن عدد الإصابات الجديدة في الصين قد يصل إلى مليون حالة يومياً، إضافة إلى نحو 5 آلاف وفاة يومياً.

هل ستتسبب أية متحورة جديدة محتملة في تفاقم مرض المصاب؟ إنه سؤال لا يعرف أحد إجابة عنه. وقال الدكتور راي، إنه لا يوجد سبب بيولوجي راسخ لأن يصبح الفايروس أقل وطأة مع مرور الوقت. وزاد: سبب اعتدال وطأة الفايروس الذي شهده العالم خلال الـ6 أشهر إلى الـ12 شهراً الماضية هو تراكم الحصانة الناجمة عن اللقاحات أو الإصابة بالفايروس، وليس لأن الفايروس نفسه تغيّر. وقال مسؤول المركز الصيني للحد من الأمراض شو وينبو إن 50 من نحو 130 سلالة متفرعة من أوميكرون تم اكتشافها في الصين أدت إلى تفش متسارع في البلاد. وقررت السلطات الصحية الصينية الذهاب من منزل إلى منزل لدفع مبالغ مالية لأي شخص تجاوز 60 عاماً من العمر، في مقابل أن يوافق على الحصول على الجرعة التنشيطية من لقاحات كوفيد-19. بيد أن كثيراً من المسنين الصينيين يعرضون عن اللقاحات، خشية الإصابة بحمى ما بعد التطعيم، وما تردد عن إصابة أشخاص بجلطات دموية بعد تطعيمهم.

ومهما كان شأن ما يقال عن الصين في هذه الفترة الحرجة؛ تبقى الحقيقة التي لا يمكن نكرانها وهي أن الصين تخلت عن إستراتيجية «صفر كوفيد» الداعية إلى استئصال الفايروس نهائياً إلى إستراتيجية «التعايش» مع الفايروس، حتى لو أدى التعايش إلى تسريع التفشي وتفاقم عدد الإصابات الجديدة والوفيات.. وهي خطوة شجاعة ينبغي على العالم أن يرحب بها، ويعين الصين على تجاوزها بسلام.

قال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أمس، إن إندونيسيا سترفع آخر ما تبقى من القيود الصحية الهادفة لمكافحة تفشي فايروس كورونا الجديد حال اطلاعها على المسح المتعلق بوجود الأجسام المضادة بعدد كافٍ لدى السكان. وأوضح أن الحكومة تعكف حالياً على مراجعة نتائج آخر مسح لقياس عدد الأجسام المضادة لدى كل مواطن. وزاد أن هذا المسح سيستمر حتى اكتماله قبيل انتهاء السنة الحالية. يذكر أن إندونيسيا تحتل المرتبة الـ20 عالمياً من حيث عدد الإصابات بكوفيد-19. وبلغ العدد التراكمي لإصاباتها أمس (الإثنين) 6.72 مليون إصابة، أدت إلى 160537 وفاة.

بريطانيا تتوقف عن نشر معلومات الوضع الوبائي

أعلن كبير علماء البيانات في وكالة الأمن الصحي الحكومية البريطانية الدكتور نك واتكينز أمس، أن الوكالة ستكف عن نشر بيانات النماذج المتعلقة بوباء فايروس كورونا الجديد اعتباراً من يناير القادم. وقال، إن نشر تلك البيانات لم تعد له ضرورة، لأن المملكة المتحدة تتعايش بشكل جيد مع الفايروس، بفضل اللقاحات والأدوية المتاحة لصد الفايروس. وكانت وكالة الضمان الصحي دأبت على نشر البيانات الخاصة بمعدل تكاثر الإصابات، ومعدلات نموها في مقاطعة إنجلترا بشكل أسبوعي في أتون ذروة الأزمة الصحية، وبشكل شهري اعتباراً من أبريل 2022. وكانت تلك البيانات تنشر شاملة جميع مقاطعات المملكة المتحدة منذ مايو 2020. وفي أبريل 2021 تقرر أن تقتصر على الوضع في إنجلترا وحدها. ويشير معدل تكاثر الفايروس إلى عدد الأشخاص الذين يمكن أن ينقل المصاب عدواه إليهم. وأعلنت وكالة الضمان الصحي أن آخر بيانات تتعلق بكوفيد-19 ستنشر في 6 يناير 2023. لكنها شددت على أن البيانات ستظل متاحة للجمهور من خلال مكتب الإحصاء الوطني. وقال الدكتور واتكينز، إن بيانات معدل العدوى ومعدلات نمو الإصابات كانت مؤشراً مهماً لتوعية الشعب بحقيقة الوضع الصحي، ومساعدة الحكومة على اتخاذ القرارات الملائمة لمعالجة التطورات الوبائية. وأضاف، أن وكالة الضمان الصحي ستواصل مراقبة الوضع ورصد البيانات أسوة بما تقوم به تجاه بقية الأمراض الأخرى.