سعود آل قوت
سعود آل قوت
-A +A
سعود آل قوت
لقد أولت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد - حفظهما الله - اهتماماً بالغاً بتعزيز دور المرأة في المجتمع والنهوض بحقوقها وحمايتها وإشراكها في دفة التنمية التي رسمتها الرؤية الميمونة لبلادنا، حيث حظيت المرأة من خلال حزمة الإصلاحات والإمكانات بنصيب وافر من الاهتمام؛ ومن أبرزها العمل الحقوقي النيابي وإشراكها فيه وجعلها جنباً إلى جنب مع الرجل جزءاً من المنظومة القضائية، حيث أدخلت فيه المرأة لأول مرة في المملكة، كما قامت النيابة العامة باختيار صفوة من أبناء وبنات الوطن للعمل بالنيابة العامة ماضية في ترسيخ مبدأ شراكة المرأة السعودية في التطوير لهذا الوطن الغالي، إذ تشهد المرأة تطوراً ملحوظاً في كافة شؤونها حتى أثبتت أنها جديرة وقادرة على العطاء مثلها مثل الرجل ما أنعكس على إشراكها في جميع المجالات والانخراط بالعمل في سلك أعضاء النيابة العامة (تحقيق، ادعاء عام، رقابة على السجون)، إضافة إلى النهوض بالعمل في نطاق الوظائف الإدارية (مستشارة، باحثة قانونية، سكرتارية، أعمال إدارية متنوعة).

واستكمالاً لمواكبة هذا التطور، فقد نفذت النيابة العامة برامج تدريبية لطالبات الأقسام العلمية (الأنظمة والقانون) للمتدربات من مختلف الجامعات السعودية، وقد بلغ عدد المتدربات (116) متدربة، وذلك لإكساب المتدربة الخبرة العلمية وتصور بيئة العمل الحقيقية وتعزيز مفهوم العمل الجماعي لديهن.


كما كفلت النيابة العامة حق المرأة في الترافع والدفاع عن المتهمين أثناء مرحلة التحقيق (محامية)، بل دأبت النيابة العامة على تحديث أنظمتها الداخلية مواكبة وتمكيناً لها في الممارسة المهنية، ومن ذلك حساب محامية، والمساواة بينها وبين المحامي في كل شيء، وحقها في حضور جلسات التحقيق وجلسات الإجراءات والاطلاع على أوراق القضية والإبلاغ الفوري لها لقرارات عضو النيابة، وحقها في مقابلة عضو النيابة العامة والدفاع عن المتهم ومراعاة خصوصيتها في هذا الأمر.

وقد أكدت النيابة على مراعاة خصوصية التحقيق مع الفتيات وفق نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية، الذي نص على أن يكون التحقيق مع الأحداث والفتيات ومحاكمتهم وفقاً للأنظمة واللوائح المنظمة ذلك.

كما تضمن أن يكون سماع أقوال المرأة واستجوابها والتحقيق معها بحضور أحد محارمها، فإن تعذر ذلك فبما يمنع الخلوة، مع التشديد على حصانة جسد المرأة في التفتيش حالة القبض، وفي حال أن يجوز لرجل الضبط الجنائي - في الأحوال التي يجوز فيها نظاماً القبض على المتهم - أن يفتشه، ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته، وإذا كان المتهم امرأة، وجب أن يكون التفتيش من قِبل امرأة يندبها رجل الضبط الجنائي.

وتشير النيابة العامة إلى حق تضمين المرأة إذا لم يكن في المسكن المراد تفتيشه إلا المرأة المتهمة أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة، مع كفالة تأمين النساء الموجودات في المسكن، ولم يكن الغرض من الدخول القبض عليهن ولا تفتيشهن.

مضيفةً بأنه مع مراعاة حكم المادتين (الثالثة والأربعين) و(الخامسة والأربعين) من نظام الإجراءات الجزائية، إذا كان في المسكن نساء، ولم يكن الغرض من الدخول القبض عليهن ولا تفتيشهن، وجب أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة، وأن يُمكَنَّ من الاحتجاب، أو مغادرة المسكن، وأن يُمنحن التسهيلات اللازمة لذلك بما لا يضر بمصلحة التفتيش ونتيجته.

وتشدد النيابة العامة - وفق إجراءاتها- على حماية المرأة من أي شكل من أشكال الإيذاء أو العنف أو الإساءة وفق نظام الحماية من الإيذاء الذي يهدف إلى حماية الأشخاص - ومن أهمهم المرأة- ضد أي شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، مما قد يرتكبه شخص تجاه المرأة متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية. ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته، أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم.

وفي شأنها الأسري قد أولت النيابة العامة الجانب الاجتماعي لدى المرأة أهمية كبيرة، فاستحدثت بقرار من معالي النائب العام في أواخر عام 1439هـ انطلاقاً من اختصاص النيابة العامة الأصيل بالتصرف في الدعوى الجزائية العامة، وأتت هذه المبادرة من ضمن عدد من المبادرات التي تستهدف تعزيز دور النيابة العامة في المجتمع من خلال المساهمة في دعم الاستقرار الأسري والحد من النزاعات بين الأفراد في القضايا ذات الطابع البسيط والتي ترتبط غالباً بجوانب اجتماعية وزوجية، حيث يتم العمل من خلال وحدات الصلح الجنائي في تقريب وجهات النظر بين الأطراف من خلال الكفاءات العلمية المتخصصة في الشؤون الأسرية والاجتماعية دون إحالة تلك القضايا للمحاكم وزيادة مدة التقاضي والنزاع بين الأطراف.

إن مبادرة وحدة الصلح الجنائي في النيابة قد أسهمت خلال هذا العام في إنهاء 2656 قضية جنائية ترتبط بالجانب الاجتماعي والأسري بنسبة بلغ فيها الصلح ما يقارب (60%) والتعاون مع عدد من الجهات المختصة لتطوير مبادرة الصلح الجنائي من خلال توظيف التقنية لتوسيع عمليات الصلح الجنائي عن بُعد دون تطلب حضور الأطراف داخل فروع النيابة العامة، ما يساهم بإذن الله في زيادة عدد القضايا التي يتم فيها الصلح وتحقيق الهدف الأسمى من هذه المبادرة في حفظ الأسرة وتحقيق الاستقرار المجتمعي.

كما قامت وحدة الصلح الجنائي بتوظيف عدد من المصلحات الأسريات بلغ عددهن (9) مصلحات كمرحلة أولى إضافةً إلى الإشراف على تدريب عدد من الطالبات من مختلف الجامعات السعودية على مهارات الصلح الجنائي.

كما شاركت النيابة العامة في الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة والذي يوافق 8 من شهر مارس بعرض ما تزخر به الأنظمة السعودية من حقوق وامتيازات كفلتها للمرأة؛ ومنها تقرير خصوصية التحقيق معها وحظر الاتجار بالمرأة بأي شكل من الأشكال بما في ذلك إكراهها أو تهديدها أو الاحتيال عليها أو خداعها، إضافةً إلى حماية المرأة العاملة من أي تحرش بها أو أي شكل من أشكال العنف أو الإيذاء.

ويأتي اهتمام النيابة العامة بتأهيل المرأة وتمكينها في ظل ثقة القيادة الكاملة بأنها على قدر المسؤولية للقيام بجهود نوعية في مختلف المجالات التي أهّلتها لأن تخطو خطوات تاريخية مشرّفة متناسبة مع ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر ومخرجاته ومراحله المختلفة بفضل من الله، ثم بدعم القيادة الرشيدة وولاة الأمر منذ تأسيس المملكة العربية السعودية الذي من شأنه دفع عجلة التنمية الوطنية على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لتحقيق المزيد في طموح لا يتوقف ضمن رؤية 2030.

جامعة الإمام محمد بن سعود

كلية الإعلام والاتصال