وزير الداخلية يطلع على تقنيات المراقبة والتحكم الأمنية في الحج.
وزير الداخلية يطلع على تقنيات المراقبة والتحكم الأمنية في الحج.
-A +A
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
كيف نجحت المملكة في تأمين أداء مناسك الحج لـ 2.5 مليون حاج، بأمن وأمان ويسر وسهولة؟! سؤال تكمن إجابته في الجاهزية الأمنية الدقيقة والروح العسكرية العالية والتكامل في منظومة الأمن، والأداء المهني والعزيمة والإصرار والتفاني في خدمة الدين والمليك والوطن أولا، ثم خدمة ضيوف الرحمن في زمان محدد ومكان محدد، تتحرك فيه الملايين وفق خطة محكمة ومدروسة هدفها وشعارها «جاهزون لأمن حجاج بيت الله». ومن المؤكد أن نجاح الحج يعكس منظومة الجهود، وقدرات الإنسان السعودي سواء الأمني أو الإداري أو المواطن والمتطوع، إننا أمام منجز عالمي جديد في حدث كوني استثنائي، فالنجاح جاء نتيجة جهد كبير جدا وتراكم التجارب في موسم الحج، منذ أن تشكلت خريطة المملكة على سطح الكرة الأرضية وشرفت قيادتها وشعبها بخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وحتى اليوم. على مدار الأيام القليلة الماضية، استطاعت المملكة بكل أجهزتها المعنية العمل على قدم وساق وفق خطة عمل واضحة من أجل إنجاح موسم الحج، وتوفير الرعاية اللازمة لخدمة ضيوف الرحمن، بداية من تسهيل وصولهم إلى الأماكن المقدسة، والعمل بشكل جاد من أجل تيسير أداء المناسك من المبيت فى منى، والصعود إلى عرفات الركن الأعظم فى الحج، ومن ثم البدء فى أيام التشريق، وأخيرا مغادرة الحجاج إلى بلدانهم سالمين غانمين.

النجاح الذي حققته السعودية تعكسه لغة الأرقام والإحصائيات، حيث بلغ عدد الحجاج هذا العام 2489406 حجاج، منهم 1855027 حاجاً من الخارج، و634379 حاجاً من الداخل.


فيما بلغ عدد القوى العاملة في الحج من مختلف الجهات أكثر من 350 ألفاً، بالإضافة إلى 35 ألف متطوع ومتطوعة، بينهم 120 ألف رجل أمن، و200 ألف من مختلف القطاعات، و30 ألف ممارس صحي.

لقد عملت المؤسسات الحكومية السعودية المشاركة فى أعمال الحج كخلية نحل موحدة تعمل بتناسق وتناغم شديد، حيث أرسلت المملكة رسالة مفادها أن الحج للعبادة فقط بعيدا تماما عن السياسة وإثارة النعرات، ليكون ما حدث خلال موسم الحج الحالي خير رد لكل من يشكك في قدرة المملكة على تنظيم أعمال الحج.

ولم تتوان وزارة الداخلية والقطاعات الأمنية المتعددة التابعة لها في تسخير كل جهودها لتسهيل مهمة حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة والمسجد الحرام والمسجد النبوي الذي توج بفضل من الله ثم بفضل الجهود المتميزة التي بذلها الأفراد والضباط والقيادات الأمنية في مختلف القطاعات الميدانية في الأمن العام وفي مراكز القيادة والسيطرة وإدارة الحشود ومركز العمليات الأمنية 911 ورئاسة أمن الدولة، ومديرية الجوازات العامة التي نفذت الخطط المرسومة نصا وروحا لتأمين وخدمة ضيوف الرحمن بكل راحة ويسر وطمأنينة في أجواء عامرة بالروحانية والسكينة والإيمان.

كما ساهمت مبادرة «طريق مكة» في إحداث اختراق إيجابي كبير لتسهيل مهمة الحجاج وفق رؤية 2030، وعملت المديرية العامة للجوازات بتناغم عال مع وزارة الداخلية لتنفيذ المبادرة على أرض الواقع وتحقيق الإنجاز على الأرض.

وجاء شكر وتقدير خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، لوزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود تجسيدا لدور المنظومة الأمنية وتناسق جميع قطاعاتها مع الأهداف المرسومة لها لخدمة حجاج بيته الحرام وزوار مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، إلى جانب ما لمسته القيادة الحكيمة من إخلاص وتفان وجهود كبيرة بذلتها في خدمة ضيوف الرحمن، بإشراف وتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد وبمتابعة وزير الداخلية، الذي عبر عن اعتزازه بالجهود المشرفة غير المستغربة التي أدّاها رجال الأمن وزملاؤهم في القطاعات العسكرية والمدنية المشاركين في أعمال حج هذا العام والجهود الكبيرة التي بذلتها جميع الوزارات والهيئات والجهات المشاركة في توفير وتقديم جميع الخدمات لضيوف الرحمن، وما لمسه من التزام حجاج بيت الله الحرام بالتنظيمات والتعليمات مما أسهم في تيسير وتسهيل أداء نسكهم بأمن وأمان وطمأنينة.

لقد شهد موسم الحج نجاحًا مميزًا وأداءً احترافيا لمختلف الجهات السعودية العاملة والتى أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن، الأمر الذي جسد الجهود الحثيثة والرائدة التي تضطلع بها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن في كل عام إذ بذلت المنظومة الأمنية وتحديدا اللجنة الأمنية في الحج التي يرأسها الفريق أول ركن خالد بن قرار الحربي جهودا مضنية وعملت ليل نهار، لا تبتغي وراء ذلك غير مرضات وخدمة ضيوف الرحمن بلا جزاء ولا شكورا، وتمخض ذلك عن نجاح كافة الخطط الأمنية والمرورية والتنظيمية المنفذة خلال حج هذا العام، فكانت وراء النجاحات الباهرة لكافة أعمال الموسم والتي تحققت بفضل من الله وتوفيقه ثم بما وفرته وتوفره القيادة الرشيدة من إمكانات وتسهيلات وتجهيزات للمنظومة الأمنية، مع الوضع في الاعتبار أن رجال الأمن تعودوا على العمل في الظروف الصعبة وأصبح لديهم تجارب تراكمية في إدارة الحشود، وتعاملوا بشكل احترافي مع تقلبات الأجواء وهطول الأمطار في موسم الحج.

وبفضل من الله جاء النجاح حليفا لجهود تلك الرجال، فلم تسجل أي حالات طارئة في مشعر منى أو في الحرم المكي وعلى امتداد الطرق الرابطة بينهما التي يسلكها ضيوف الرحمن، رغم هطول الأمطار الغزيرة، وذلك في ظل يقظة واستعداد رجال الأمن وتطبيق الخطط البديلة الاحترازية وخطط الطوارئ.

وسخرت حكومة المملكة جهودها في عملية تطوير إستراتيجية شاملة للمشاعر المقدسة حيث شملت الاستمرار في توسعة الحرمين الشريفين، وإنجاز شبكة قطار المشاعر المقدسة، ومشاريع إسكان وخيم الحجيج، والانتهاء من توسعة وإنشاء مطارات ضخمة لاستقبال ضيوف الرحمن، وتوفير إدارة أمنية فاعلة ومنجزة للحفاظ على أمن الحجاج واستقرارهم، في ظل تحديات الإرهاب ومحاولة تسييس شعائر الحج.‪ ونجحت المملكة في خطة تنفيذ موسم الحج هذا العام حيث اعتمدت بشكل كامل على التقنيات الحديثة وظهر مستوى القدرات التنظيمية التي وصلت إليها قوات الأمن في المملكة والجهات التنظيمية الأخرى، التي مكّنت الحجاج من أداء نسكهم بكل يسر وسلامة وأمان؛ حيث شاهد الجميع المرونة في حركة السير على جميع الطرق، سواء داخل المشاعر المقدسة أو خارجها، وحسن التنظيم في دخول الحجاج من مشعر مزدلفة إلى مشعر منى، واتجاههم لمنشأة الجمارات ثم إلى المسجد الحرام لتأدية طواف الإفاضة، والتي نقلتها شبكات التلفزة في جميع دول العالم.

تأمين مليونين ونصف المليون حاج ليس سهلا على الإطلاق، إنه تناغم المنظومة الأمنية مع المنظومات التنفيذية، إنها كلمة السر في نجاح موسم الحج، حكمة في التدبير، وحنكة في التفكير، والسؤال ليس لماذا نجح الحج، بل كان يجب أن يكون السؤال «لماذا لا ينجح الحج، طالما لدينا القيادة والإدارة والإرادة» سننجح بإذن الله.