أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/okaz/uploads/authors/225.jpg?v=1764231772&w=220&q=100&f=webp

حمود أبو طالب

ميزانية الدولة.. المواطن أولاً

منذ إعلان الميزانية العامة للدولة يوم الثلاثاء والمحللون الاقتصاديون والماليون يناقشون تفاصيلها في مختلف وسائل الإعلام، ويشيدون بالسياسة التي تنتهجها من أجل إيجاد اقتصاد أقوى وأكثر تنافسية، والتغلب على التحديات الكبيرة بخطط استباقية حصيفة واحتياطات للمفاجآت التي قد تحدث بسبب التقلبات التي يشهدها الاقتصاد العالمي نتيجة الأزمات والنزاعات والتوترات السياسية.


ويوم أمس تم عقد ملتقى إعلامي مخصص لمناقشة كل ما يتعلق بالميزانية، حضره عدد كبير من الوزراء والمسؤولون لشرح التفاصيل الخاصة بكل جهة في الميزانية، ماذا تحقق، وما الذي سيتحقق في العام القادم وفق الخطط المحددة. كان النقاش مستفيضاً، وبشفافية عالية. وكان الوزراء جاهزين للإجابة على كل الاستفسارات والأسئلة والتساؤلات، ليس بأسلوب إنشائي وإنما بالأرقام والإحصائيات الحقيقية، والمنجزات التي أصبحت على أرض الواقع وليس في أوراق الخطط. وفي اعتقادي أن المملكة غير مسبوقة، على الأقل في منطقتنا العربية، في مكاشفة المواطن بكل معلومات الدخل والإنفاق الوطني، وكيفية صرف الميزانية، وما هي إستراتيجية الأولويات. المألوف في محيطنا العربي أن نشاهد مؤتمراً صحفياً قصيراً عند إعلان الميزانية ثم ينتهي الأمر، لكن أن يخصص ملتقى إعلامي كبير لمسؤولي الدولة يتحدثون خلاله بشفافية عن كل تفاصيل الميزانية، فذلك نهج مختلف تميزت به المملكة في مرحلتها الراهنة.


بالإضافة إلى ذلك، وفي جانب آخر في غاية الأهمية، أكد ولي العهد أن مصلحة المواطن تأتي في صدارة أولويات حكومة المملكة، أي أن كل ما يُنفق هو من أجل مصلحته، صحةً وتعليماً ونهضةً وازدهاراً واستقراراً وأمناً وجودة حياة. وهنا يكمن الفرق بين الدول التي تُطعم شعوبها شعارات فضفاضة لا علاقة لها بحياتهم ومعاشهم، والدول التي تعتبر المواطن المستهدف الأساسي في كل سياساتها وإستراتيجياتها.

منذ يوم

حتى إذا لم يعجبك: احترم القانون

يعتقد البعض أن الفضاء الواسع الذي أتاحته منصات التواصل الاجتماعي يصعب ضبطه ومتابعة ما يقال ويكتب فيه، وتحديد ما هو مخالف للقوانين والأنظمة المرعية في أي بلد، كما أن هذا البعض لديه مشكلة في فهم معنى حرية الرأي والنقد، والحدود التي تؤطرها، واللغة المقبولة للتعبير عنها. يعتقدون أن هذا الفضاء الشاسع لم يوجد إلا لقول أي شيء عن أي شيء ودون اعتبار لأي شيء، دون علم بأنه ما من دولة في العالم مهما كان سقف حرية الرأي فيها عالياً إلا ولديها قوانين تحاسب على التجاوزات الضارة التي تؤثر على السلم المجتمعي، أو التي تتعارض مع المصالح الوطنية العليا.

هناك فرق كبير بين النقد الموضوعي الذي ينطلق من حرص على مصلحة الوطن والمجتمع بلغة متزنة، والطرح العشوائي غير المنضبط الذي يعكس احتقاناً وسخطاً ذاتياً لمجرد التأليب والتحشيد لرأي أو وجهة نظر لا علاقة لها بالمصلحة العامة، وإنما تنطوي على الإثارة والمبالغة والمغالطة لخلق حالة من التذمر والإحباط في المجتمع، لا يمكن تبريرها أو تمريرها أو التسامح معها تحت أي ذريعة. وحتى يكون الناس على بينة فقد تم إعلان القوانين التي تحدد المسموح والمحظور، والممكن وغير الممكن، وحتى هذه القوانين يمكن مناقشتها وطرح الآراء حولها طالما يتم ذلك بأسلوب متزن يثري الحوار ويتوخى الأفضل، لكن لا يصح تجاهلها والقفز عليها والتحدي لها بتعمد مخالفتها طالما هي سارية المفعول.

احترام القانون المنظم لأي شأن وجه مهم من وجوه المواطنة حتى لو لم تتفق معه. وكل شيء قابل للنقاش، وكل موضوع قابل لتناوله، ولكن المهم بأي لغة يتم التناول والنقاش، وما هو الهدف الذي يسعى إليه الشخص. وفي كل الأحوال هناك قيمة عليا اسمها الوطن يجب الحرص الشديد على أمنه واستقراره، وهناك مجتمع نحن منه وفيه، نطمح أن يتميز دائماً بالطرح الواعي الناضج الذي يعكس قيمه وأخلاقه.

منذ يومين

ورشة تفريخ كتّاب المقال!

أعلنت جمعية الأدب المهنية في حسابها على منصة (X)، عزمها تنظيم ورشة عمل عنوانها «مهارات كتابة المقال بإبداع» مدتها ثماني ساعات مقسمة على يومين، وفي إعلانها تعِد الجمعية المشترك بأنه «سيكتشف أسرار المقال المؤثر خلال ورشة واحدة». ليس هذا فحسب، بل إنه سيكون قادراً بعدها على الكتابة «بعقل ناقد وروحٍ مبتكرة»، ربما سيكون كذلك بعد الورشة الثانية!

ومع تقديري لجمعية الأدب والقائمين عليها، إلا أنني لم أقاوم رغبتي في التعليق على هذه الورشة. لقد شعرت بعد قراءة الإعلان بأن النوازل سوف تستمر على كتاب المقالات بعد اختلال المعايير التي أوجدها عصر السوشيال ميديا، ودخول كل من أراد إلى ساحة كتابة المقال، دون امتلاك أدنى مقومات كتابته كفن خاص من فنون الكتابة، لكن لم يكن في الحسبان أن تعلن جمعية أدبية مهنية أنها قادرة على جعل منتسب في دورة لساعات قليلة أن يكتشف أسرار المقال المؤثر في ورشة واحدة، بل وأن يكون بعدها كاتباً بعقل ناقد وروح مبتكرة، كما أشارت في إعلانها.

بعد أكثر من ثلاثة عقود من كتابة المقال الصحفي ما زلت أتهيب مقابلة القارئ بمقالي، أحترمه وأخشاه أشد الخشية، وأتعب في اختيار الفكرة اللائقة والقالب الكتابي المناسب لها، أقرأ كل يوم باجتهاد لعددٍ كبير من كتاب المقالات المحليين والعرب والأجانب في كل الشؤون، وفي كل يوم أتعلم شيئاً جديداً، وأكتسب معلومة أو مهارة إضافية في كيفية كتابة المقال، ولست وحدي من يفعل ذلك، بل حتى الكبار الذين طفقت شهرتهم الآفاق وأمضوا زمناً طويلاً في معاقرة كتابة المقال الصحفي. سمعت ذلك ـ على سبيل المثال ـ من الأستاذ الكبير سمير عطاالله، ومن الكاتب الشهير توماس فريدمان، وغيرهما من مشاهير الكتاب الذين قابلتهم، وكذلك قرأته في مذكرات كتاب عمالقة آخرين مثل مصطفى أمين، وأحمد بهاء الدين، وأنيس منصور وغيرهم. وأجزم أن هذا ديدن بقية زملائي من الكتاب الذين ما زالوا حريصين على استمرار وتوثيق علاقتهم مع القارئ من خلال المقالات الصحفية.

كتابة المقال هي موهبة في الأساس، يشتغل عليها صاحبها بمثابرة واجتهاد، ويصقلها بالاطلاع والاستزادة والقراءة والقدرة على التحليل والاستنتاج، ومع الوقت يصبح له أسلوبه الخاص وبصمته الخاصة، بحيث يستطيع القارئ معرفة مقاله حتى لو لم يضع اسمه عليه، وهذه درجة عليا يحاول الكاتب المثابر أن يضعها هدفاً له حتى لو لم يصل إليها.

كاتب المقال لا تصنعه ورشة، بل يصنعه زمن من الاحتراق والاشتباك مع المعرفة والثقافة، ومحاولات مضنية لتفكيك شفرة قضايا المجتمع بكل تعقيداتها، والتعامل معها بوعي ومسؤولية يحترمها القارئ. إن الكلمات القليلة التي يطالعها القارئ في مقال لكاتب يحترم قارئه، لا تصل إليه إلا بعد وقت من القلق والنبض المتسارع، وكأنه يكتب مقالاً للمرة الأولى.

إنتاج كاتب مقال حقيقي ليس على طريقة خطوط الإنتاج في المصانع والورش. تأكدوا من ذلك أيها السيدات والسادة.

00:07 | 1-12-2025

أهلاً بكم في السعودية الجديدة

يتميز وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بحضور مختلف عندما يتحدث في أي منتدى أو حوار أو مناسبة، طرحه غير تقليدي، ويتمتع بموهبة تناول أي موضوع بطريقة تحمل مضامين ورسائل عميقة بأسلوبه الخاص الذي تنصهر فيه الثقافة والخبرة وعمق الرؤية وبلاغة العبارة وكاريزما الشخصية. وأي متابع لكلماته أو إجاباته أو مداخلاته في المناسبات المختلفة سوف يتأكد من هذه الحقيقة، وكانت كلمته في حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مؤخراً، لمحةً جديدةً من لمحاته الذكية عندما تحدث عن نهج المملكة في تقدير المبدعين وهدفها من استقطابهم.

استحضر الأمير في ذلك الحفل نموذجاً عملياً ومثالاً حياً لثلاثة أجيال من أسرة واحدة شاركتنا مسيرة التميز. كانت لفتة إنسانية وحضارية جميلة وذكية، ولها دلالات عميقة، تمثلت في كون أحد الخريجين قد حصد مرتبة الشرف وسيذهب في منحة إلى جامعة أكسفورد، إحدى أبرز وأعرق جامعات العالم. لكن الأمير عبدالعزيز أراد أن يحول هذا الإنجاز إلى قصة وفاء عظيم، فقد دعا والد الخريج الذي يعمل في شركة أرامكو، ودعا جده الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وتحدث بنبلٍ كبير عنهما، وأشار إلى أن الجد المتميز علم الكثير من السعوديين في الجامعة فاستحق وفاء المملكة بمنحه الجنسية، وكذلك والد الخريج، ثم الحفيد المبدع الذي دعاه الأمير إلى المنصة احتفاءً به، ولكي يبعث من خلال هذا الاحتفاء رسالةً أكبر وأهم.

قال الأمير عبدالعزيز فيما قال: «أهلاً بكم في السعودية الجديدة التي لا تعرف إلا الجدارة والكفاءة والموهبة والتميز، وترحب بمن يريد العيش فيها ويشاركها أحلامها بإنجازاته. يجب علينا ألا نتخلى عن فكرة أن نكون نموذجاً عالمياً متميزاً للرقي والازدهار، وأكرر ترحيبنا بكم جميعاً لتكونوا جزءاً منا ومن نسيج مجتمعنا، ومن يريد البقاء سوف نحتضنه».

بهذه الكلمة الوجيزة يختصر الأمير عبدالعزيز فكرة الحلم السعودي، والوفاء والتقدير للذين شاركونا في بناء لبناته، والذين باستطاعتهم مشاركتنا في تحقيقه بصورته المستقبلية الكبرى وفق شروط الجدارة والكفاءة. إنها رسالة بليغة توجز الكثير مما يمكن قوله عن وطن يصر على بلوغ أعلى مراتب الرقي.

00:08 | 30-11-2025

فلسطين.. موقف ثابت خلف الأبواب وخارجها

نشرت وكالة الأنباء الأمريكية (Axios) تقريراً يوم الثلاثاء 25 نوفمبر عن بعض ما دار في الاجتماع المغلق بين ولي العهد والرئيس ترمب بشأن التطبيع مع إسرائيل، وفقاً لمعلومات مسؤولَين أمريكيين ومصدر ثالث خاص للوكالة، وقد عنونت الوكالة تقريرها بـ«توتر اللقاء بين MBS والرئيس ترمب بشأن إسرائيل»، وأفاد التقرير بأن ترمب كان يتوقع مرونةً من ولي العهد في هذا الموضوع، لكن ذلك لم يحدث، فقد كان حازماً وقوياً في تأكيد موقف السعودية المرتبط بتنفيذ حل الدولتين وفق إطار زمني محدد وواضح، يضمن قيام الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام الدائم.


ومع أن تقرير الوكالة تناقلته وسائل الإعلام العالمية إلا أنه لم يأتِ بشيء جديد لأن ما ذكره هو الموقف الثابت والدائم للمملكة، ولا يختلف في التصريحات العلنية عن الاجتماعات المغلقة بين قيادة المملكة وأي طرف آخر من دول العالم، ومع أن أمريكا الدولة العظمى هي الحليف الأكبر لإسرائيل والداعم الأساسي لها، ورغم أن ولي العهد في زيارته كان يريد إنجاز ملفات ضخمة ومهمة مع أمريكا، إلا أن الموقف السعودي تجاه الشأن الفلسطيني غير قابل للمساومة والمقايضة تحت أي ظرف.


الذين يقولون إن السياسة مصالح، والمواقف قابلة للتغيير بِرَهْنِ هذه المصالح يقفزون على بعض الدعائم الأساسية والثوابت الراسخة في السياسة السعودية، ومن أهمها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ إنه منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى الآن، ورغم كل الزلازل التي حدثت في المنطقة على خلفية القضية الفلسطينية، ورغم المصالح الإستراتيجية للمملكة مع الدول الغربية الكبرى التي تدعم إسرائيل منذ تأسيسها، وعلى الأخص مع أمريكا التي تربطها بالمملكة علاقات واسعة ومتشعبة ومهمة، رغم ذلك فإن المملكة لم تقدم تنازلات في موقفها تجاه القضية الفلسطينية، بل إلى درجة أثّرت أحياناً على بعض مصالحها المهمة، ورغم مواقف بعض القيادات الفلسطينية من المملكة في بعض الأزمات التي مرت بمنطقتنا، وأيضاً رغم الخلل الذي يعتري إدارة الشأن الفلسطيني من داخله، لأن المملكة تنظر للمسألة كواجب أخلاقي تجاه شعب شقيق عانى الويلات من المحتل، ولم يسلم من أخطاء بعض المتصدرين لقضيته.


المملكة هي التي قادت الحشد الدولي خلال الفترة الماضية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإيقاف حرب غزة، ومثل هذه المواقف التأريخية الكبرى لا تنبع إلا عن قناعة راسخة بالحق الفلسطيني، وتصميم على تحقيقه بتوظيف كل الفرص والإمكانات من أجل ذلك. هذا هو موقف المملكة، داخل قاعات الاجتماعات المغلقة وخارجها.

01:44 | 27-11-2025

جرذان «X» ومصيدة السعوديين

منذ فترة طويلة ومنصة تويتر التي تحولت إلى X تشهد تلوثاً متزايداً بلغ حداً لا يطاق في حسابات كثيرة أغرقت المنصة بمحتواها السيئ الذي يخالف أدنى اشتراطات الذوق العام، وأدبيات طرح الآراء، والتزامات تقديم وجهات النظر للناس. هنا نحن نتحدث عن استخدام بعض العرب للمنصة بناءً على استخدامهم اللغة العربية والظهور بأسماء عربية، لكن المحتوى يثير كثيراً من الريبة في أهدافه، خصوصاً في ما يتعلق بأي شأن سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو غيره من الشؤون السعودية. ومع الوقت اتضح أن هناك استهدافاً ممنهجاً ومركزاً على المملكة، ربما ينحصر في ثلاثة جوانب:


بث إشاعات كاذبة واختلاق قضايا ومشاكل لا وجود لها عن الشأن الداخلي، تهدف إلى تشويه المنجزات وتشكيك المجتمع في ما تقوم به الدولة من أجل الوطن والمواطن، ومحاولة شرخ الثقة القوية بين الطرفين. وفي الجانب الآخر كانت تلك الحسابات تثابر في إحداث زوابع بين الشعب السعودي وبعض الشعوب الشقيقة بتأزيم أحداث شخصية عادية بسيطة تحدث في أي مجتمع بشري، بالإضافة إلى اختلاق أكاذيب عن سياسة المملكة مع بعض شقيقاتها من الدول العربية، خصوصاً عند تصاعد الأحداث في بعض بؤر النزاع في محيطنا. وأما الجانب الثالث فهو الذي دفعهم إلى الاستمرار في ارتكاب الحماقتين السابقتين، ويتمثل في اعتقادهم أن الشعب السعودي على قدر من السذاجة بحيث تنطلي عليه تلك المحاولات، أو يصمت عن الإساءة له ولدولته، وكانت المفاجأة أنهم صُدموا من قدرة السعوديين على كشف وتعرية وفضح كل التخرصات والإشاعات والأكاذيب بشكل كاسح.


لكن عندما أتاحت منصة X مؤخراً إمكانية كشف مواقع أصحاب الحسابات تبينت حقيقة كثير منها، التي كانت تقوم بتلك الأعمال القبيحة، واستطاع المغردون السعوديون تعقبهم كالجرذان في جحورهم، وكشف ارتباطاتهم وانتماءاتهم وفضحهم أمام الملأ. مجموعات من الجهلة والمرتزقة والمشردين الحاقدين، وبقايا مؤدلجين منبوذين، ونفايات منتفعين وسماسرة بلا ذمم، والمفارقة الغبية أن بعضهم يختار اسماً للإيهام بسعوديته ويضع علم المملكة، رغم معرفة الجميع بأنه كاذب وأفّاق.


الآن انفضح جزء كبير من اللعبة بعد كشف مواقع المرتزقة والمتلونين، وسيظل الشعب السعودي واعياً بمحاولاتهم، ومنتبهاً لدسائسهم ومفنداً لأكاذيبهم، وسوف يصطاد ويفضح من تسول له نفسه ذلك.

00:10 | 25-11-2025

كيف تحقق حصاد واشنطن

ما زالت أصداء زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن تتردد في وسائل الإعلام العالمية. المتابعون يعرفون أنه ما من وسيلة إعلامية بارزة إلا وتناولت جانباً من جوانب الزيارة بالتغطية الخبرية أو التقرير أو التحليل، مع ما يشبه الإجماع أن ما حققته الزيارة من نتائج فاق التوقعات التي سبقتها لدى بعض المراقبين الذين اعتقدوا أن بعض الملفات، أو المطالب التي يحملها الزائر معه لن يُبت فيها من قبل الرئيس ترمب بسهولة وبسرعة، وربما يتم التحفظ على بعضٍ منها لحين من الوقت لإظهار أنه ليس من السهل أن تستجيب أمريكا لكل المطالب دفعة واحدة من أي دولة، لكن الذي حدث هو العكس تماماً عندما أُنجز كل شيء بسهولة وسلاسة وترحيب كبير من الجانب الأمريكي مع تأكيد على استراتيجية العلاقة مع المملكة والعمل على تقويتها وتوسيع مجالاتها والدفع بها الى مستويات أعلى وأهم.

هناك أسباب عديدة لهذا الإنجاز الكبير والمهم الذي حققته الزيارة، من أهمها أن المطالب والاحتياجات التي حملها ولي العهد إلى واشنطن كانت مدروسة بعناية ودقة وعمق كي تلبي متطلبات مشروع تنمية شاملة حقيقي وضخم في دولة موثوقة ومستقرة، تحترم التزاماتها واتفاقياتها ولا يشغلها سوى استمرار التنمية فيها وتحقيق الرخاء والأمن والاستقرار لشعبها. دولة تتسم بالاتزان والحكمة في سياساتها وعلاقاتها، تحرص على مصالحها ومصالح شركائها، وتعرف أن التنمية والاستقرار والازدهار تحتاج إلى القوة بمختلف أشكالها، قوة العلم والمعرفة، وقوة التقنية، وأيضاً قوة السلاح لحماية منجزاتها.

وخلال السنوات الأخيرة منذ بداية مشروع الرؤية الوطنية الجديدة الشاملة، اكتسبت المملكة مزيداً من الثقة في سياساتها وتوجهاتها لدى العالم شرقاً وغرباً، واستطاعت إنجاز شراكات مهمة مع جميع الدول التي تتوفر لديها حاجاتها بشكل متوازن وبمسافات متساوية مع الجميع، كما تأكد للعالم أنها أصبحت رقماً كبيراً ومهماً ومؤثراً في معادلات السياسة والاقتصاد من خلال تعاملها الحصيف مع الأزمات في محيطها وخارجه، وسعيها الدؤوب لحل النزاعات والحروب والأزمات وترسيخ السلم والأمن والاستقرار، وبالتالي كان على الحليف التأريخي الاستراتيجي الأمريكي أن يتعامل مع المملكة وفق المعطيات الراهنة والحضور الكبير الذي أصبحت تمثله المملكة كقوة اقتصادية جاذبة، وقوة سياسية فاعلة، في بيئة آمنة ومستقرة.

لهذه الاعتبارات وكثير غيرها تعاملت أمريكا مع زائرها وفق ما يليق به من حفاوة، وتعاملت مع احتياجات بلده منها بإيجابية كبيرة؛ لأنها متأكدة من تحقيق المصالح المتبادلة مع شريك مهم وموثوق ومؤثر.

00:05 | 23-11-2025

واشنطن 18 نوفمبر.. تأريخ جديد

الذي حدث في واشنطن يوم 18 نوفمبر كان أكثر من كل التوقعات، فرغم برودة الطقس كان دفء الإثارة ينبعث في كل شرايينها ترقباً لما سيحدث عند وصول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كان واضحاً أن الاستعدادات غير عادية، بل غير مسبوقة، وحرص الرئيس ترمب على التأكيد أنه رجل المفاجآت، فقرر أن يؤكد لأمريكا والعالم خصوصية ضيفه والبلد الذي يمثله بذلك الاستقبال المشهود في السماء وعلى الأرض، وبالذراعين الممتدتين وتعبيرات الاحترام الكبير. منذ تلك اللحظات تأكد نجاح الزيارة، لكن ولي العهد أراد أيضاً أن يضفي لمساته الخاصة على النجاح بذلك الحضور الكارزمي الطاغي في كل تفاصيل زيارته للبيت الأبيض، وخصوصاً خلال المؤتمر الصحفي الذي كان الحدث العالمي.

ذهب ولي العهد إلى أمريكا وهو يعرف تماماً ماذا يريد وكيف يحصل عليه وما هي أوراق القوة التي يملكها. وكان مستعداً تماماً لمواجهة الآلة الإعلامية الأمريكية التي تنتظر هذه الزيارة بالذات لتمارس شغبها ومناكفاتها. تعامل معها بذكاء وثقة ودبلوماسية رفيعة، وتصدى للأسئلة التي لم يكن يريد الرئيس أن تُطرح في ذلك المقام. لا شيء يخفيه محمد بن سلمان ولا شيء يتحرج منه ولا سؤال لا يملك الإجابة عليه.

وخلال ساعات حصد ولي العهد أهم إنجازات في تأريخ العلاقات بين المملكة وأمريكا، إنجازات نوعية لم تسبق لدولة أن حصلت عليها في حزمة واحدة وخلال زيارة واحدة. اتفاقيات ومذكرات وصفقات في مجالات حساسة تمثل التفوق الأمريكي العلمي والتكنولوجي الذي لا تسمح بسهولة مشاركة غيرها فيه، لكن المملكة استطاعت ذلك لأسباب منطقية تعرفها أمريكا قبل غيرها، من أهمها الثقة التامة بأن المملكة تسخر كل ما لديها من إمكانات ذاتية، وما تحصل عليه من تسليح وتقنيات متقدمة، من أجل تطور وازدهار ورخاء شعبها، والمساهمة في تقدم العالم واستقراره وأمنه.

نحن الآن نتحدث عما تم توقيعه والاتفاق عليه يوم الثلاثاء 18 نوفمبر في ما يخص البرنامج النووي السلمي، والرقائق الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، واتفاقية الدفاع الإستراتيجي، وصفقة مبيعات الأسلحة التي تمثل مقاتلات F35 أبرز ما فيها، لكن يوم الأربعاء (أمس)، سيشهد أكبر منتدى للاستثمار الأمريكي السعودي يعقد في واشنطن، حيث ستوقع شراكات ومذكرات تعاون استثمارية ضخمة في مختلف المجالات التي تهم البلدين.

لقد غير ولي العهد قواعد اللعبة العالمية في السياسة والاقتصاد، هذه حقيقة وليست مبالغة أو انحيازاً عاطفياً، ولولا ذلك ما حدث الذي حدث في واشنطن. هل سمعتم قائداً يقول في البيت الأبيض: لست هنا من أجل إرضاء أمريكا أو رئيسها، بل من أجل تلبية احتياجاتنا ومصالحنا المشتركة؟

00:04 | 20-11-2025

ولي العهد.. زيارة مختلفة في زمن مختلف

ليست مبالغة عندما نقول إن زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لواشنطن تختلف في معناها وأهدافها وأثرها وتأثيرها عن أي زيارة سعودية سابقة لأمريكا. صحيح أن أي زيارة دولة سعودية تحظى دائماً من الجانب الأمريكي بالحفاوة الكبيرة والاهتمام الخاص والتقدير العالي، نظراً لأهمية وإستراتيجية العلاقات بين البلدين، ورمزية المملكة وثقلها عربياً وإسلامياً، لكن لكل وقت ظروفه ومعطياته وسياقه، الوقت الآن مختلف كثيراً، وتوقيت الزيارة يأتي في ظل متغيرات كبرى تعم العالم، كما أن الزائر يحمل ملفات مختلفة استوجبتها المرحلة الجديدة التي تعيشها المملكة منذ بداية تدشين الرؤية الوطنية المليئة بالطموح العالي، وهي المرحلة التي تغيرت فيها مفاهيم إدارة الوطن، وتغيرت أساليب العلاقات مع الدول بما يحقق المصلحة الوطنية أولاً، وبعد أن أثبتت المملكة أنها لاعب قوي ومؤثر في السياسة الدولية لتحقيق التوازنات الإيجابية وتكريس الأمن والسلام وإطفاء النزاعات والحروب، والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد العالمي كدولة وازنة يُحسب لقراراتها حساب كبير.

يزور ولي العهد واشنطن هذه المرة بعد أن تأكدت إدارة الرئيس ترمب أنه يقود مشروعاً تنموياً ضخماً بمقتضيات المستقبل وليس الحاضر فقط، مشروع أصبح مقنعاً للآخرين بأهمية الشراكة فيه وتحقيق فوائد للجميع من هذه الشراكة، لقد رأوا نتائجه على أرض الواقع، وتأكدوا من جدواه، بعد أن وفرت المملكة كل الأسباب الضامنة لنجاحه. هذه الحقيقة أكدها الرئيس ترمب خلال زيارته الأخيرة للمملكة، وأعاد تأكيدها في أكثر من تصريح لاحق، بالإضافة إلى إعجابه الشديد برؤية وجدية ومثابرة وتصميم ولي العهد في قيادة التحولات الشاملة في المملكة، ونهجه في التعامل مع الملفات السياسية العربية والإقليمية والدولية، والنجاحات التي حققتها المملكة في كثير من تلك الملفات، بما يهيئ الفرص الممكنة للأمن والسلم والاستقرار الذي يمثل حجر الأساس لأي تنمية في أي بلد.

هذا الانطباع الإيجابي والإعجاب بما تحققه المملكة في مرحلتها الجديدة أصبحت تعبر عنه كل دول العالم، وتسعى للشراكة معها بتطوير مختلف أشكال العلاقات، ولكن تظل العلاقة مع أمريكا ذات طابع خاص لأسباب تأريخية، وأسباب أخرى تتمثل في كون أمريكا الدولة الأكبر والأكثر تأثيراً في العالم بما تملكه من أسباب القوة في كل مجال. وقد استوعبت إدارة الرئيس ترمب، أن المملكة تحولت من نمط العلاقة التقليدية معها إلى علاقة ديناميكية تؤطرها المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة كشريك موثوق وقوي ومؤثر على كل الأصعدة. ولهذا يصبح مفهوماً عندما يحمل ولي العهد معه إلى واشنطن ملفات غير تقليدية، كالبرنامج النووي، وأحدث معدات التسليح والتقنية المتقدمة، بالإضافة إلى اتفاقيات أمنية وعسكرية بين البلدين،‏ وملفات أمنية إقليمية أولها قضية فلسطين، التي أحدثت فيها المملكة بدبلوماسيتها الماهرة اختراقاً تأريخياً باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية.

من كل ذلك، يصبح منطقياً هذا الاهتمام الكبير محلياً وعربياً وإقليمياً بزيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن التي تبدأ غداً، لأن نتائجها ليست مقتصرة على الشأن السعودي وحده، بل تتعداه إلى ترتيب أوراق مهمة في المنطقة. كما أنه يكون مفهوماً ذلك الاستعداد الخاص الكبير في البيت الأبيض لهذه الزيارة قبل بدئها.. كل الأنظار ستكون مصوبةً غداً على البيت الأبيض، مرفوقةً بالأمل أن تتكلل هذه الزيارة التأريخية بالنجاح.

00:04 | 17-11-2025

هل «راجع يتعمّر لبنان» ؟

هذه أمنية كل المحبين الصادقين للبنان، المشفقين عليه من المتاعب الشديدة التي عاناها وما زال. يريدونه أن «يتعمّر» فعلاً، ليس فقط بنياناً معمارياً، بل أن يستعيد عمرانه الأمني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، الذي كان يجذب الناس من كل حدب وصوب، عندما كان لبنان واحة الجمال الاستثنائي في كل شيء.

لطالما تكالبت النوائب على لبنان حتى يُظن أنها أصبحت قدره الدائم، لكنه يفاجئنا بعد كل دورة خراب وإن طالت بقدرته على النهوض، والتشبث بالحياة. حدث ذلك مرات عديدة، وها نحن هذه المرة ننتظر طائر الفينيق اللبناني لينفض الرماد عنه ويفرد جناحيه من جديد محلقاً في فضاء الحياة التي يستحقها.

نقول ذلك لأن هناك بشارات رغم كل الظروف المقلقة، وآخرها ما نشرته وكالة رويترز للأنباء عن مصدر سعودي رفيع المستوى يؤكد أن وفداً سعودياً سيقوم بزيارة لبنان قريباً لمناقشة إزالة العقبات التي تواجه الصادرات اللبنانية إلى المملكة، مشيراً إلى أن لبنان قد أثبت كفاءته في تقليص تهريب المخدرات إلى المملكة، كما أشار الخبر إلى أنه من المقرر أن يصل مستشار وزير الخارجية السعودي المكلّف بمتابعة ملف لبنان الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت قريباً جداً، على رأس وفد تجاري واقتصادي يضم 27 شخصية سعودية من قطاعات استثمارية مختلفة، في زيارة تحمل طابعاً اقتصادياً وسياسياً، إذ تُعد بمثابة اختبار جدي لمدى استعداد الدولة اللبنانية للالتزام بمسار إصلاحي واضح، يضمن بيئة آمنة للاستثمار ويعزز ثقة المملكة بإمكانات الشراكة مع لبنان وفتح قنوات استثمار شفافة وآمنة.

دائماً كانت السعودية مع لبنان في كل الظروف وبمختلف أشكال الدعم، لكنه عندما أصبح يعيش فراغاً مؤسسياً كبيراً، وتدخلات خارجية خطيرة، ونفوذاً مسلحاً غير خاضع لسلطة الدولة، لم يعد ممكناً للسعودية أن تقدم دعماً اقتصادياً وهي تعرف أنه سيذهب هباءً في ظل تلك الأوضاع، ولا أن تسمح لمستثمريها وعموم مواطنيها بالذهاب إلى بلد بلا قوانين ضامنة لحماية الأموال والأرواح. ورغم ذلك فقد كان للمملكة دور أساسي وكبير في دعم المرحلة الجديدة سياسياً، التي جاءت بالرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، كما وظفت علاقاتها الدولية لمساعدة إخراج لبنان من أزمته المتشعبة المزمنة، لكن هناك أطرافاً خارجية وداخلية ما زالت تستهويها المقامرة بلبنان وشعبه، لا تريد له الخروج من فلكها. هذه الأيدي العابثة هي التي يجب على الدولة اللبنانية والشعب اللبناني تحييدها من تشكيل المشهد اللبناني كي تبدأ مرحلة التعافي كخطوة أساسية في رحلة النمو والازدهار المأمول.

نحن مع لبنان، لكن عليه أن يكون مع نفسه أولاً لنكون معه.

00:09 | 16-11-2025