-A +A
هادي الخضري hadialkhodari@
«صناعة المحتوى» في منصات التواصل الاجتماعي حِرفَة تتطلب الكثير من التمرّس والتفكير الإبداعي، فهي لا تقتصر على ما تتم كتابته فحسب، بل إن المحتوى يشمل كل عنصر مقروء أو مرئي أو مسموع، ولكن يبقى السؤال الأبرز: متى يمكن للشخص أن يصف نفسه بأنه «صانع محتوى»؟

تعتمد الإجابة على محددات عدة، منها: ما هو متعلق بالشخص نفسه، وما هو معتمد على الأفكار، وما يكون مرتبطاً بالموضوع ذاته.. في الأولى: ينبغي على صانع المحتوى أن لا يكون رهيناً لما يراه هو فقط، بل عليه أن يوسع مداركه ويزيد من دائرة اطلاعه ومعارفه ومعلوماته، وهنا يجب التنبيه إلى أهمية التفريق بين كتابة المحتوى وصناعته.. «كتابة المحتوى» هي ترجمة الأفكار إلى منتج نصي مكتوب.. أما «صناعة المحتوى» فهي اختلاق الأفكار الإبداعية والمختلفة والخارجة عن إطار المألوف، وهذه هي أبرز المحددات التي تصبغ على الشخص صفة «صانع المحتوى».. فالأفكار إذا تكررت أو تمت قولبتها بقوالب مختلفة في المظهر ولكن متفقة في الجوهر لا تدخل ضمن الصناعة، بل قد الأنسب أن يطلق عليها «إعادة تدوير الفكرة»، أما الإبداع فهو العلامة الفارقة والأبرز لصناعة محتوى الأفكار الخلاقة والمميزة والفريدة.


أما المحددات المتعلقة بالموضوعات؛ فهي لن تكون بمنأى عن ضرورة وحتمية التطوير، فالموضوعات كالمنتجات، إذا تعددت دون أي اختلاف فلن تكون ذات جدوى، ولن تكون هناك منافسة للأفضلية بينها إذا تشابهت، وهنا تأتي أهمية الصناعة الإبداعية، فالصانع المبدع كالتاجر المحترف، يمتلك مفاتيح التنويع ويستطيع أن يؤثر في ذائقة المتلقي.

وحتى لا تكون هناك فجوة بين كتابة وصناعة المحتوى، فعلى صانع المحتوى أن يتحلى بقدر كبير من الصياغة اللغوية الجيدة، إضافة إلى امتلاكه للعديد من الخصائص والمهارات والآليات التي تصنع التفاعل من قبل المتلقين وجذب انتباههم، كما يجدر به مواكبة التغيرات في وسائل ووسائط وقنوات التواصل مع الجمهور، فمتغيرات الثورة التقنية لن تقف على منصة واحدة، ولن تكون جامدة، بل إن بحر التكنولوجيا يكشف كل يوم عن موجة جديدة، ولن يتمكن من خوض غمارها إلا من تمرّس على مواكبة مستجدات المنصات.