-A +A
هناء الثبيتي hotibi@ (كاتبة سعودية)
تتسم مجتمعات اليوم بالتدفق المعلوماتي الهائل، فالجميع أصبح قادراً على الوصول للمعلومة، بل والمساهمة في إنتاجها، ولقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي نصيب الأسد في تسهيلها وتداولها، ما نتج عنه استغلال الكثيرين لسلاسة استخدام تلك التقنيات بالتلاعب في المحتوى المقدم، وبالتالي ظهور ما يسمى بـ«المعلومات الزائفة» أو المضللة، التي قد تؤثر على الأفراد وصحتهم النفسية والعقلية، وعلى المجتمعات واستقرارها الاقتصادي والسياسي، ومن هنا أكد الخبراء الحاجة الماسة إلى التربية الإعلامية أو ما يسمى بـ«التثقيف الإعلامي». إذن، ما المقصود بالتربية الإعلامية؟.. تعريفها ببساطة: امتلاك المهارات الأساسية للتعامل مع الوسائل الإعلامية المختلفة، بغرض التحقق من مصداقية المعلومة المقروءة أو المسموعة أو المشاهدة، وتجنب الوقوع ضحية التزييف المعلوماتي.

وفي هذا يلخص البروفيسور «Lucas» المتخصص في السياسة الدولية ومؤسس الموقع الإخباري الرائد «EA WorldView»، العناصر الأساسية للتثقيف الإعلامي في ثلاث نقاط جوهرية:


أولاً: تثليث المعلومات، أي تنويع مصادر الحصول على المعلومة وعدم الاكتفاء بمصدر واحد. ثانياً: إثارة التساؤلات حول المعلومة، بطرح الأسئلة الذكية، مثل: من، ماذا، أين، كيف، ولماذا.. وأخيراً يذكر Lucas أهمية وعي الفرد ودوره في القضاء أو التقليل من الآثار السلبية لتلك الأخبار، بتجاهلها والتوقف عن تداولها.

وفي السياق ذاته؛ تشير Farly المحاضرة بكلية الطب في جامعة برمنجهام إلى الضرر الكبير الذي يلحق ضحايا المعلومات المزيفة، خصوصاً المعلومات ذات الصلة بالنواحي الطبية، وركزت على أهمية تنمية مهارات التفكير الناقد لمواجهة تلك الظاهرة، بتحليل ونقد المعلومة، وضرورة التحقق من توفر الأدلة والإثباتات على مصداقيتها.

ولعلني أركز على دور الأسرة الحيوي في تنمية مهارات التفكير الناقد لأفرادها، فهي المسؤول الأول عن توجيههم وإرشادهم لكيفية التعامل الحذر مع هذا التدفق المعلوماتي، وأنوه بأهمية النقاش والحوار الأسري حول مثل هذه الظواهر، وضرورية تشجيع الآباء لاقتراح الحلول الملائمة للحد من هذه الممارسات والتقليل من آثارها السلبية.

أخيراً..

نحن نعيش انفتاحاً ملحوظاً على الأصعدة والمستويات كافة، الأمر الذي لا يمكننا حصاره بالمنع أو التزمت والرفض، والوسيلة الوحيدة والآمنة للتعايش مع هذه التغييرات هي تنمية المهارات النقدية لدى الأفراد والجماعات، للوصول لمجتمعات سليمة وقوية تتسم بالوعي والحذر.