-A +A
أمل حسن جلال amaljlal21@
فتحت قنينة حبري لتزخرف الأشواق وتنقش الوفاء فقلَّما نجد صدق الشعور.. هل ابتسم القدر أم ازداد القهر؟.. جاءني فأمسكت ريشتي لأرسم على صفحات قلبي حبّاً بنكهة الأمل، بنكهة الأمنيات السعيدة.. وبينما كنت أنقش على صدري لوحة فنه وجنونه سكبت الحبر فوق لوحة الانتظار.. هل أبكي أم أحن؟ ليس بإمكاني إكمال لوحتي، فالريح عبثت بقلبي والأشواق أرَّقت محبرتي، فسقط قلبي صريعاً بين كفيه يتسول رحمة عاشق في أنفاسه الأخيرة، لا يريد سوى أن يحدِّق بعين الاهتمام ويخلل أصابعه بين يدي محبوبه قبل أن تفارقه الحياة ويهمس له: أحبك جميلي تحملني لك سفن الأشواق فأغرق في شواطئ أمانك.

إن محبرتي دافئة تربت على صدر الغياب وتهدهد الشوق والالتياع.. وأنا في تحدي الذات أقوى وأبقى.. وكلما فتحت قنينتي فاحت الذكريات في شراييني وأوردتي فأغلقها وأغلفها بالصبر والصمود.. وأتسلَّح بالدعاء فهو خير وجاء.


رحل الماجد بقلبي ورحلت معه كثير من الأفراح، لا بأس كُتب له الخلود بين أضلعي.. قد كنت له هماً يلاحقه ويقلق منامه.. كنت ذلك الذنب الذي يود التوبة منه لكن الشياطين تحفه وترغبه في الاقتراف من المزيد فأمسك محبرتي وشنق الآمال والأحلام.. تناول قلمي من أذنه وركله بعيداً وحذره من الاقتراب منه مرة أخرى.

لكن قلمي حكيم ابتسم ولوَّح له بالوداع، أوهمه أنه يستطيع الابتعاد وهو واثق من العودة والحنين.. إن قلمي متغطرس يثق أنه ينحت على صخور الذكريات مواقف وأحاسيس خلابة لا تُنسى مهما مرَّ عليها غبار البعد والتجاهل والإهمال.

سيظل ذلك الحبيب يحثو أتربة الندم ويلعق أصابع النسيان علَّه يتوب من ملاحقة الأقلام المترنحة المخمورة والمعدية غالباً، فقد ارتشف خمور محبرتي وغاب عقله أيُّما غياب نقله قلمي لعالم لم يلجه سواه لفلك النعيم والأشواق، فانسابت محبرتي ترش عنبر اللقاء عاشت وعاثت بالأوردة وتخيلت كل البقاء.. ها هو اليوم يودِّع قلمي الذي أوهمه بالفناء ولايزال يردد أهازيج سمفونية عذبة لم يسبق لها الظهور في مقطوعة الغناء.

هل جرَّب أحدكم شعور حبِّ الأقلام؟!.. احذروا ذلك السحر فسياطه لا ترحم أنين التوسل والرجاء وستعيشون في ضنك وعناء.