-A +A
عبدالعزيز آل غنيم الحقباني aialghunaim@
حين فتح أردوغان أبواب الجدل بتحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد؛ وجد انتقاداً واسعاً، ليس في الشارع التركي فحسب، إنما انتقل إلى الشعوب العربية والغربية.

تلك الخطوة من ذلك العثمنجي؛ تثبت أنه يريد الاقتراب من أسلوب النظام الإيراني، وكلاهما يستخدم الدين للوصول إلى أغراضه البعيدة عن الإسلام، خصوصاً أن أردوغان قدم نفسه مع بداياته الأولى من العمل السياسي على أنه ممثل الإسلام، فخدع البسطاء من المسلمين المغشية أبصارهم.


في خطابه بمناسبة تحويل المتحف إلى مسجد؛ اعترف أردوغان ضمنياً عن مرحلة جديدة من التمدد على شكل خلافة مزعومة، بأهداف سياسية خبيثة، لكسب تعاطف شعبي من الأتراك مع اقتراب العد التنازلي للانتخابات الرئاسية القادمة، وقد وعدت المعارضة التركية منافسة أردوغان لحصد مقعد رئاسة الجمهورية.

ذلك الخطاب الأردوغاني بهذه المناسبة (التعيسة)؛ لم يكن واحداً إنما خطابين متناقضين مزدوجين؛ أحدهما باللغة الإنجليزية موجه للغرب نشرته الرئاسة التركية في حسابها على «تويتر»، ومختصره ادعاء العثمنجي الإخونجي أنه أكثر انفتاحاً على الغرب، وأن «آيا صوفيا» تراث مشترك للبشرية يحتضن الجميع.

والخطاب الآخر على حساب الرئيس التركي في «تويتر» باللغة العربية، وهو خطاب متناقض تماماً مع ما قالته الرئاسة التركية؛ استخدم فيه اردوغان لغة حادة وعبارات مختلفة، وكأنه يدافع عن الأماكن المقدسة والمسلمين ونصرتهم، قائلاً: «إن تحويل المتحف إلى مسجد بداية لعودة الحرية للمسجد الأقصى، وبداية للمسلمين للخروج من العصور المظلمة».

ذلك التناقض بين الخطابين، يؤكد ازدواجية أردوغان، فحين يخاطب الغرب يظهر نفسه أنه سياسي حضاري مسالم، وحينما يخاطب العرب والمسلمين يستغل القضايا الدينية لأغراض سياسية.

وعلى العموم، لم يستغرب ذلك التناقض من أردوغان، فهو سياسي مخادع منذ ولوجه العمل السياسي، ولعل ذلك الغباء السياسي هو من أودى به إلى التناقض مع نفسه.

ذلك كله، يطرح عدة استفهامات ليس في استغفال العرب أو لماذا يستغلهم؟، إنما: لماذا العرب يُستَغفلون ويُوهَمون بأوهام وبدع تضليلية عن دينهم الصحيح؟، وعندما نقول العرب، نقصد الأقلية البسيطة الموهمة والمضللة بأيديولوجيا تكفيرية جهادية تحت على العنف والتطرف، وتبتعد عن الدين الإسلامي الوسطي الذي أرسل به رسولنا صلى الله عليه وسلم وكان عليه أجدادنا منذ قرون، أما الاستفهام الآخر: لماذا يُحرَّف الدين على أفكار الخلافة وأيدلوجيا والتطرف؟.

الآن.. بفضل الله ثم بجهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، بترت أيدي المتطرفين وخابت مساعيهم وكشفت مؤامراتهم ودمرت أفكارهم التي تبناها أردوغان ورسمها المتطرفون منذ 40 عاماً، منذ 1979، فالحمد لله أن منّ على حكام بلادنا بخدمة الحرمين الشريفين وخدمة البلاد بما تقتضيه الشريعة الإسلامية الوسطية، المنفتحة على حضارات العالم، الحاثة على الترابط والتلاحم والسلام والأمن والأمان، وحمداً لله أن جعلنا مواطنين سعوديين نسعى لخدمة الدين ثم ولي الأمر والوطن.