-A +A
بدر بن سعود
الكاظمي بدأ زيارة إلى الرياض قبل ستة أيام، وفيها استكمال لاجتماع نوفمبر 2020، الذي عقده باستخدام تقنية الفيديوكونفرانس مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقد تم الاتفاق فيه على جملة من الأمور؛ من أهمها، افتتاح منفذ جديدة عرعرالحدودي لأول مرة منذ 30 سنة، ويمثل المنفذ مشروعاً نوعياً كان سيضخ استثمارات بمليارات الدولارات في سنته الأولى، لولا ظروف كورونا والتدخلات الإيرانية، فقد بدأت إيران في ذلك الوقت بمحاولة التأثير على المشاريع السعودية العراقية، وعلى كل مجالات التعاون التي كانت ستؤثرعلى حضورها الطاغي في المشهد العراقي، كالاتفاق على زراعة أربعة ملايين هكتار في أربع محافظات، وتحويلها إلى حقول ومزارع لتربية الأنعام، وبما يحقق عوائد مالية ضخمة للعراق، ومئات الآلاف من الفرص الوظيفية للعراقيين العاطلين، وهؤلاء يمثلون مورداً أساسياً لتغذية المليشيات الموالية لإيران.

لذا فقد قالت إيران إن الاستثمار سيستنفد مخزون المياه الجوفية في الأراضي العراقية، رغم أن إيران حولت مسار نهري سروان والزاب الصغير في العراق إلى الداخل الإيراني، ما تسبب في انخفاض منسوب المياه فيهما من 47 متراً مكعباً إلى مترين مكعبين، وتضرر منه مليون عراقي، والكاظمي أوضح بأن المملكة لديها استثمارات زراعية مشابهة في كندا والأرجنتين والبرازيل، وبنسبة استقطاع للأراضي تتراوح ما بين 50% إلى 80% في بعض المقاطعات.


وقّعت المملكة مع عراق الكاظمي خمسة اتفاقات جديدة في مجالات مختلفة، وتم الاتفاق على صندوق سعودي عراقي بقيمة مليارية، وعلى الربط الكهربائي ومنع الازدواج الضريبي، وقُدم اقتراح بزيادة المنافذ الحدودية لتغطية احتياجات المناطق المتاخمة للحدود السعودية العراقية، والتي يقترب طولهـا إلى 900 كيلومتر.

منذ 2003 والمملكة تحاول إعـادة العراق إلى الحاضرة العربية، وقد وقع السعوديون مع الحكومات العراقية المتعاقبة أكثرمن 35 اتفاقية ولكنها لم تلتزم بها، ولا نريد للاتفاقات مع الكاظمي أن تواجه نفس المصير، خصوصاً وأنه مكلف وغير منتخب، ولا يمثل حزباً وسيغادر بعد خمسة أشهر، وربما أتت بعده حكومة كل قراراتها تطبخ في إيران.

الكاظمي يرفض سياسة المحاور، ويريد أن يتحرك بعيداً عن الإملاءات الإيرانية قدر الإمكان، وبما يحقق مصالح العراق والعراقيين، ولعله الأفضل من بين كل من سبقوه وإن كان أقلهم قوة، وهو رجل وطني ومقبول في دول الخليج وفي الولايات المتحدة وأوروبا، وأمثاله يحتاجون إلى دعم دولي وإقليمي كبير، حتى لا يتكرر سيناريو حكومة عادل عبدالمهدي، وتوقيعه لاتفاقية مع الصين بقيمة أربعمائة مليار دولار، يستبدل بموجبها النفط والغاز بإعادة بناء البنية التحتية العراقية، والعلاقة مع الصين مفيدة ولكنها لا توازي الشراكة مع الحلفاء التقليديين، وهذه السياسة تعمل عليها إيران في الفترة الحالية لمواجهة العقوبات الأمريكية.