-A +A
فواز الشريف
ظهرت كرة القدم في بلادي وهي اللعبة الشعبية وإن اختلف البعض حول تعريف معنى الشعبية مقارنة باتفاقهم على أنها اللعبة الأولى في العالم التي تحظى بهذا الحب الجارف والتشجيع والمتابعة ظهوراً خجولاً مختبئاً حتى عهد قريب نتيجة المحاذير الدينية والاجتماعية ومع مرور الوقت وتطور الفكرة وتبلور الرؤية قفزت حدود العيب والحرام بالتزامها بمبادئ الخطوط العريضة لها لكنها ليست ببعيدة عن العودة إلى ذات الحدود والوقوع في العيب والحرام.

إن كرة القدم الساحرة التي تعلق بها الجميع ليست مثالية ولا جميلة في كل حالاتها خاصة إذا كان الحب لم يبلغها بل بلغ الأندية والفرق دون التعرف بها معرفة كاملة فالفوز والخسارة في أي لعبة تنافسية أمر وارد لكن الانتماء للكيانات التي تدار فيها مثل الأندية والفرق دون معرفة أصول هذا الانتماء قد يحدث شرخاً في اللعبة وفي العلاقة.


لقد حاربت كثير من الدول بما فيها إنجلترا حالة الهيجان والتعصب التي تنتاب جماهير هذه اللعبة والذين يعرفون «الهوليجانز» كما حاربت دول أمريكا اللاتينية ظاهرة «الالتراس» بمفهومها العنيف أو المعني بالضدية وقامت كثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية بمعالجة كثير من الأضرار التي تتسبب فيها العلاقة المشبوهة بين المشجع والنادي وتعريف حدودها والالتزام الصارم بالقوانين والتشريعات للعبة وللأنظمة العامة.

إن التشجيع المتعصب والانتماء اللاحدودي للأندية لا يختلف كثيراً عن أي فكر ضال يقوم على تشويه جمالية الأشياء ويأخذها إلى انحرافات نفسية تقود الجماعات والأفراد لسلوك مشين ففي الإسلام ظهرت حدود علاقات الناس بالأشياء وفق شرعيتها وسماحتها ومساحتها فلا يمكن أن يتخذ أحد ما هوايته إلى ما هو أبعد من الإطار المتعارف عليه ولا يمكن لأحد أن يأخذ الحب والشغف إلى أبعد من الحدود المسموح بها مهما كلف الأمر.

وحينما تسهم بعض عناصر الإعلام الرياضي أو العاملين في الوسط من اتحادات وأندية في تأجيج مشاعر الجماهير بمفردات مثل «المؤامرة» أو «الغش» أو ادعاء «المظلومية» والتكريس لهذه المفاهيم تمهيداً لأجل اعتناقها والإيمان بها من قبل «الناس» أي «المدرجات» فإن تلك لعمري والله هي أولى خطوات ضرب العلاقة البريئة فيما بين اللعبة الشعبية الأكثر انتشاراً وشهرة وسلامة هذه العلاقة وحدودها وفق شرعيتها ونظامها، بل إن بعض أفكار ما يطرح حول اللعبة يتسبب في كثير من الأخطاء الشائعة التي تخفي جماليات المشهد بسوداوية ظالمة تهد أركان العمل والبناء بل وتهدم حتى الرؤية البيضاء النقية والمستقبلية نحو تحقيق المنجزات لصالح الوطن.

وحين تتّبع طرح البعض في قائمة «الرقص على العواطف» تدرك حجم المصالح الخاصة في ميزان المصلحة العامة رغم إن أنديتنا هي أندية عامة فلا تمثل منطقة ولا قبيلة ولا فصيلاً وهي جزء لا يتجزأ من منظومة بناء الشباب يثبته الدعم المادي اللامحدود من الدولة حفظها الله.

لقد أشرت سابقا إلى أن بناء التشجيع على خطيئة مجتمعية لا يحقق سلامة العلاقة فنظرية «فريق أبوك لا يغلبوك» هي فكر يهدف إلى توريث التشجيع دون أسباب جوهرية وهو ما يؤثر في عقود حالية أو قادمة على ثقافة المدرج وعلاقته بالأندية وكرة القدم عموماً.

نحن ننتظر الخطة الإعلامية والمبادرة المجتمعية للنهوض بفكر المشجع الرياضي من مجرد «مريد» إلى عنصر فاعل بالدعم المادي وتطوير الأداء العام والتركيز عليه فقد قلت لهم في تاريخ الألعاب التنافسية لا فوز دائماً ولا خسارة دائمة الأهم اللحظة التي نستمتع فيها ثم ننام.