-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
ونحن نتابع الخطوات الكبيرة والمتسارعة لوطننا على مدى خمس سنوات، لا بد وأن نتوقف للقراءة المتعمقة في تفاصيلها التي نفخر بها، كم كانت التحديات الاقتصادية والتنموية هائلة، والتطلعات الطموحة للشباب والمكتسبات التاريخية للمرأة السعودية، وكيف أصبح كل ذلك منجزات حقيقية بقرارات تاريخية شجاعة، والأخذ بأسباب التطور في عالم بات سباقه الأهم في خياله العلمي والتقني لجودة الحياة واقتصاد المستقبل.

إنها قصة الإرادة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، قطعت المملكة مراحل مهمة في كل مجال نحو التنمية المستدامة برؤية 2030 الطموحة للوطن والمواطن، وبرنامج تحول اقتصادي جاد جعل من قطاعات عديدة كانت هامشية ومتواضعة، مصادر مهمة لتنويع الدخل وفرص العمل، كالسياحة الترفيهية والتاريخية الواعدة وتوطين الصناعة والتقدم في القطاعات اللوجستية وريادة الأعمال وغيرها، وأصبحت هذه القطاعات أرقاماً طموحة في الموارد العامة والوظائف بعد أن كانت بنوداً في الإنفاق والواردات، وندرة فرص العمل لأبناء الوطن.


التحول الاجتماعي مهم، وهو أيضاً واضح ومتسارع ليكون الجميع منتجاً ومساهماً في البناء والتطور بكل موقع وتخصص، والتأهيل لما هو قادم من مشاريع مستقبلية واستثمارات في اقتصاد المستقبل، وتصحيح سوق العمل بعد أن عانى طويلاً من انسداد أفق أمام المواطن وعدم تخيل دور للمرأة فيه بسبب أفكار ومحاذير وهمية نمطية سادت طويلاً.

بالطبع يصعب تفصيل الإنجازات واستحالة رصدها، وأتصور أن التحول الاقتصادي والاجتماعي وهو يتحقق مرحلياً يؤتي ثماره تباعاً في الحاضر ليتعمق خلال المدى المنظور في كافة المجالات، لذا يكون من قصر النظر أو عدمه أن يجتزئ إنسان أو يختزل بأفق ضيق كل هذا التحول في تصور لا يروق له، كمن ينظر تحت قدميه أو من لا يرى الشمس على سطوعها، فيحجب عن عقله سنن الحياة في التطور وحق المجتمع في التغير الهادف والتفاعل الإيجابي الذي تستقيم معه الحياة طالما كان في سياقه الطبيعي الصحيح، ضمن هذا العالم الذي لا مكان فيه لجمود أو تردد.

في المحصلة باتت المملكة بموقعها الجغرافي في قلب العالم، لتكون هي القلب منه في الدور الاقتصادي المؤثر والتفاعل الحضاري. فعلى الصعيد الخارجي ورغم التحديات الإقليمية واضطرابات المنطقة واستهداف بلادنا، تسير سفينة الوطن بأمان وتقدم في كل مجال وتؤكد مكانتها الدولية وتأثيرها السياسي والاقتصادي المتزايد على كافة الأصعدة، ويدرك العالم جيداً أن هذه المنطقة لا سبيل لاستقرارها إلا بدور المملكة التي تمتلك التأثير الإستراتيجي ونجاحها في إفشال رهانات أجندات الفوضى وصد الأطماع الراهنة، ولولا المواقف المسؤولة للمملكة لكانت المنطقة في حال من المخاطر يصعب تصحيحه، وخلل جيوسياسي يغري الطامعين بمزيد من التدخلات وتفتيت المنطقة، ونذكر هنا نجاحها في إنهاء أزمات ثنائية وجماعية مزمنة ظلت طويلاً بين دول القرن الأفريقي.

الثلاثاء القادم تحتضن الرياض قمة مجلس التعاون الخليجي في مرحلة دقيقة، كما تسلمت رئاسة مجموعة العشرين الأكبر اقتصاداً في العالم، وهو استحقاق يؤكد مكانتها وأهميتها السياسية والاقتصادية وقد أعدت برنامجها لعلاج الملفات والقضايا الهامة أمام مجموعة الكبار والإعداد الجيد لقمة العشرين، بما يعكس الرؤية السعودية لمستقبل اقتصاد العالم، مثلما تحرص دائماً على إمدادات وتوازن أسواق الطاقة لصالح جميع الدول، وها هو نجاح اكتتاب أرامكو يعكس في الداخل والخارج الثقة الأكيدة في اقتصاد المملكة وشراكاتها العالمية وقدراتها المتنامية في زمن قياسي.

* كاتب سعودي

iikutbi@gmail.com