-A +A
عبدالله صادق دحلان
الحمد لله والشكر لله على نعمه وفضله، والحمد لله على إتمام حجاج بيت الله ركنهم الخامس (حج بيت الله الحرام) محتفلين اليوم بعيدهم الأكبر عيد الأضحى المبارك بعد وقفتهم بالأمس في المشاعر الحرام (عرفة) مرورا بمزدلفة ومنها إلى (منى)، إنجاز عظيم للدولة السعودية من حقها وحقنا جميعا حجاج بيت الله ومسلمين في جميع أنحاء العالم أن نفتخر بهذا الإنجاز في التنظيم والتخطيط والتنفيذ لخطة الحج هذا العام ابتداء من حصول حجاج بيت الله على تأشيرات الحج وتسخير سفارات المملكة العربية السعودية بكل طاقاتها وإمكاناتها لتسهيل مهمة الحصول على التأشيرات إلى وصولهم إلى منافذ الوصول في المملكة جوا وبرا، حيث جنّدت مئات الآلاف من السعوديين في مختلف القطاعات من موظفي الدولة ويقابلهم عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الأهلي والمتطوعين في جميع المجالات لحفظ أمن الحجاج وضمان سلامة صحتهم وتوفير كافة احتياجاتهم، وتأمين السكن اللائق والانتقال الميسر للحرمين والمشاعر المقدسة، وفي هذا العام استخدمت تقنيات إلكترونية متقدمة لخدمة الحجاج كما قدمت وسائل جديدة لتخفيض درجات الحرارة على المسلمين. والحقيقة التي لا يعرفها حجاج بيت الله حفظهم الله هي أن المملكة العربية السعودية تستعد لخدمة حجاج بيت الله بعد نهاية كل موسم حج لموسم الحج القادم، وتستنفر أجهزة الدولة بكامل طاقاتها البشرية وإمكانياتها المالية منذ شهور استعدادا لتوفير جميع الخدمات لحجاج بيت الله الحرام لحج هذا العام، ويقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان على متابعة جميع الاستعدادات وسير تنفيذها على أرض الواقع، ويتابع أمير الحج أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل شخصيا مع نائبه الأمير بدر بن سلطان جميع خدمات الحجاج ابتداء من وصولهم لمنطقة مكة المكرمة إلى مغادرتهم، ويتولى مسؤولية زيارتهم للحرم النبوي الشريف الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة الذي يقف شخصيا على متابعة خدمات الحجيج عند زيارتهم للمسجد النبوي.

حجاج بيت الله من جميع أنحاء العالم


قد لا يتصور أحدكم حجم الأعمال المقدمة من حكومة المملكة العربية السعودية لتسهيل مهمتكم في أداء فريضة الحج هذا العام وكل الأعوام، لقد سخّرت الحكومة السعودية البلايين في توسعة الحرمين الشريفين وفي تطوير المشاعر المقدسة والخدمات المقدمة فيها، وقامت بمشروع توسعة الحرمين الشريفين ليستوعبا الملايين من المسلمين؛ حجاج بيت الله والمعتمرين وزوار المسجد النبوي، وأنشأت قطار الحرمين لتأمين نقل الحجاج بيسر وسهولة بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، ومع كل هذا الدور العظيم الذي تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية نشعر نحن المواطنين والمقيمين في المملكة بأن الدولة السعودية كأنه لا عمل لها سوى خدمة حجاج بيت الله والمعتمرين وزوار المسجد النبوي، وهو شرف لها لخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين أجمع، وعلى رأس هذا الاهتمام تسمية ملك البلاد السعودية بلقب (خادم الحرمين الشريفين)، أي شرف عظيم هذا!، أو أي اهتمام بالمسلمين مثل هذا الاهتمام!، وأجزم أنه لا توجد دولة أو حكومة في العالم الإسلامي تستطيع أن تقوم بجزء من هذا الدور وبهذه الإمكانات المالية والبشرية وبجودة عالية ومستمرة.

إن إدارة وتوجيه وخدمة قرابة ثلاثة ملايين حاج من خارج المملكة وداخلها سعوديين وأجانب في وقت محدد، شهر ويوم وأماكن محددة وفي مسارات محددة يعتبر إنجازا عظيما تستحق المملكة العربية السعودية أن تمنح (جائزة نوبل) في (إدارة وسلامة الحشود) ولا يمكن مقارنة حشود الحج بأي حشود في أي مناسبات أخرى في العالم، فحجاج بيت الله والمعتمرون قادمون من مختلف الثقافات والمستويات والأعمار، فمعظمهم من فئة عمرية متقدمة السن، وبعضهم من طبقات بدائية وفقيرة وغير مثقفة؛ لأن الإسلام ليس حكرا على الأغنياء أو ميسوري الحال، فالجميع عليهم حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، وإدارة الحشود لا تعني تحريكهم من مكان إلى مكان ولكن تشمل رعايتهم الصحية وضمان أمنهم وسلامتهم الصحية وتحركاتهم ونشر الثقافة الإسلامية وفقه التعامل مع الفروض والسنن.

ثمانون عاما في خدمة حجاج بيت الله تتولى الدولة السعودية هذه المهمة دون أن تسأل المساعدة والعون والدعم المالي من أي دولة إسلامية وهي تقوم بهذا انطلاقا من العهد الذي وضعه المؤسس رحمه الله الملك عبدالعزيز على الدولة السعودية منذ إنشائها وهو«خدمة الحرمين الشريفين والمسلمين حجاجا ومعتمرين وزوارا».

وفي هذا اليوم عيد الأضحى المبارك نهنئ المسلمين حجاج بيت الله الحرام ونبارك لهم حجهم داعين الله عز وجل أن يحفظ الدولة السعودية وقيادتها ويحفظها من كل من يريد بها وببلاد الإسلام سوءا، وهذا ما أتمنى من كل حاج في هذا اليوم أن يشارك في حفظ أمن الحج والحجاج وأن نوجه اهتمامنا لوحدة الأمة الإسلامية وحماية مقدساتها والحفاظ على رعايتها للحرمين الشريفين وأن نبعد الحج والمدن المقدسة من اختلافاتنا السياسية والمذهبية.

* كاتب اقتصادي سعودي