-A +A
أريج الجهني
كتبت هذا العنوان في الصيف الماضي حين زيارتي لإحدى الجهات الخدمية، وفضلت أن أبقيه في الأدراج حتى لا يكون مجرد ردة فعل أو انطباع عابر، عدت هذا الصيف ووجدت أن الفكرة لا زالت باقية، وأن فلسفة خدمة العملاء سواء كممارسة أو كتخصص شبه غائبة، فتخيل أن تدخل مكانا ليقابلك موظف الاستقبال بوجه واجم أو يحجم عن التواصل البصري ليسمعك ويفهمك؟، في زيارة بسيطة بالأمس كنت أسأل الموظفة عن المكان وكانت تشيح بوجهها ونظرها وتحمل جوالها بيدها ويبدو أنها في «خناقة واتسابية ملتهبة»، أشارت بإصبع يدها لأذهب عنها حيث يبدو أنني وصلت بوقت غير مناسب «سامحني الله»، بقيت في مكاني والمشكلة أنه لا يوجد أمامي على طاولة الاستقبال سواها!.

اضطررت أن أجتهد وأكمل رحلتي في المكان هائمة على وجهي، وأن أكتشف خباياه قدر المستطاع بشكل شخصي، هكذا «يطرد العميل»، عندما يحجم الموظف «المخصص لخدمة العملاء» عن خدمتهم، بل يتعامل معهم بمزاجيته وقناعاته الخاصة، ويتجاهل أن خدمة العملاء تقوم على «الابتسامة الصفراء»، وهو وصف للابتسامة غير الحقيقية، بصراحة أنا من عشاق هذه الابتسامة! واستخدمها طوال اليوم، ليس لأنني أرغب بتزييف مشاعري بل لأن لدي قناعة بأن الآخرين محاطون بالهموم ولديهم حروبهم الخاصة فلا أجتهد أن أقابلهم بالعبوس والقنوط وأكون منتظرة أيضا، بالمقابل أن يقابلوني بذات الابتسامة فأنا دائما ما أقول «المحبة فرض كفاية والاحترام فرض عين».


خدمة العملاء علم عظيم وحيوي ولا تستقيم المنظمات بدونه، والمؤسف أننا نعاني من مشكلات وظيفية عويصة أهمها «غياب المهنية وفكرة إدارة السمعة» في المنظمات المختلفة الحكومية والخاصة، فتجد البعض يتعامل مع المستفيدين بعنجهية ويصبح الأمر أسوأ في أقسام «خدمات ما بعد البيع»، بصراحة في بعض الأحيان تشعر أن الكون في مؤامرة ضدك فأنت ما تلبث أن تدفع مالك حتى تبدأ الإهانات والتقصيرات من الجهة الخادمة! وهذا أمر يستوجب التفكير، فلماذا يعامل العميل بهذا التسلط، رغم جهود وزارة التجارة في السنوات الأخيرة لتحسين وضع العميل، إلا أنه على أرض الواقع يكفيك أن تذهب لبنك محلي أو أي جهة خدمية لترى كيف يتم الاستهتار بك، والتلاعب بوقتك وأعصابك.

رسالة مفتوحة لأهل الأعمال، المستفيد اليوم أكثر وعيا، لهذا أدفع لتدريب موظفيك واستثمر بهم، الكثير يحضر موظفين دون أن يتكلف عناء تدريبهم ورفع وعيهم، تبقى المسؤولية الشخصية للموظف نفسه بتطوير مهاراته وأدواته، نعم طوروا أدواتكم خاصة في التواصل البصري والجسدي بشكل عام، تقديركم لعملائكم يعني بقاء وظائفكم واستمرار عملكم، أخرجوا من قالب «ديمومة الوظائف» فلا شيء يدوم على حاله.

* كاتبة سعودية