-A +A
أحمد عجب
أصبحت الموضة الدارجة هذه الأيام بالأوساط الرياضية والفنية والثقافية وحتى الدعائية، أن يطلع علينا أحد مشاهير الغفلة بفضيحة مدوية تلفت الأنظار، كأن يعتدي بوصف جارح على أحد الأندية الجماهيرية، أو يظهر بمشهد مناف للآداب العامة، أو يتعدى بتغريدة تنال من الذات الإلهية، أو يقدم إعلانا مرئيا لمنتج ينطوي على إيحاءات جنسية، فتثور ثائرة الناس الشرفاء، لتعلن الجهة المعنية باليوم التالي أنها توصلت إليه، وبعد انتظار لنتائج التحقيق والعقوبة القانونية التي ستطبق بحقه، يتفاجأ الجميع بانتشار مقطع جديد يظهر فيه ذلك المذنب منتشياً، ليضحك علينا باعتذار مخادع يقول فيه «أعتذر لمن أساء فهمي»!؟

عبارة «أعتذر لمن أساء فهمي» لا تعني اعتراف المذنب بالخطأ والندم عليه، وإنما هي محاولة لتبرئته وحفظ ماء وجهه، مقدماً اعتذاره لنفسه العزيزة، لأنها تحدثت بهذه اللغة الصعبة أمام خطب من الجهلة لا يفقهون شيئاً!!


القضايا التي لا يكون فيها حق خاص، قد يقبل فيها الاكتفاء باعتذار المذنبين للمجتمع، وذلك لتوفير المال العام الذي كانت الدولة ستنفقه طوال فترة إقامتهم بالسجن، لكن الاعتذار يفترض أن يكون رادعاً ويؤدي لتهذيبهم وكسر كبريائهم، لهذا أقترح أن يحمل ضيف البرنامج الرياضي لوحة اعتذار طوال الحلقة يكتب عليها لقب النادي المنافس الذي أساء إليه، وأن يقف ذلك الليبرالي المتطرف أمام جامع البلدة حاملاً لوحة كتب عليها «اللهم إني أشكو إليك ضعفي وقلة حيلتي»، وأن يبث فيديو لمشهور السوشيال ميديا وهو يقف وسط زحمة افتتاح أحد المحلات الكبرى حاملاً لوحة كتب عليها «ارفع الشاشة.. لتجد أمامك إنسانا آخر محترما»!!

أما الاعتذار المزعوم، فهو شهادة براءة للمذنب وإدانة صريحة للمجتمع، لهذا أنصحكم وأنصح نفسي قبلكم بعدم الانزعاج مرة أخرى من أي بذاءة تصدر من قبل مشاهير الغفلة، بل يجب علينا أن نتفق على تلطيفها وتفسيرها بشكل إيجابي، حتى لا نتهم بالغباء وقلة الفهم ويشهر بنا في كل الحسابات والمواقع الإلكترونية. يجب علينا أن نثقف أنفسنا من اليوم بكثرة قراءة كتبهم السطحية ومشاهدة مقاطعهم التافهة، لنكون أكثر وعياً وتفهماً للانحطاط، علينا أن نقوم بكل ذلك مكرهين، حتى يكتب الله الفرج ويأتي اليوم الذي تعدل فيه صيغة الاعتذار لتكون «أعتذر من المجتمع على وقاحتي وقلة أدبي».