-A +A
بشرى فيصل السباعي
انتشر الأسبوع الماضي مقطع لخطبة جمعة لخطيب سعودي يتحدث فيها عن الأضرار الخطيرة للعبة «فورتنايت- Fortnite» وهي لعبة فيديو عبر الإنترنت للصغار، وقال إنها «سبب انتشار هروب النساء والإلحاد وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير» في المسلمين، مع العلم أن اللعبة ليس لها أي هوية ثقافية إنما هي مجرد قتل وحوش لا أكثر ولا تظهر فيها الخطايا التي ذكرها ولذا قوبلت الخطبة باستهجان واسع بل وحتى للأسف استجلبت السخرية والاستهزاء، وهذا يكشف خطورة عدم موضوعية الخطاب الديني وكونه هو الذي يتسبب بتنفير الشباب المسلم عن دينهم وليس أي لعبة فيديو، وهذا مثال واضح على أهمية ترقية نوعية الخطاب الديني عبر تغذيته بموارد الفكر الموضوعي متمثلا بنتائج الدراسات الاجتماعية والنفسية المحلية بشكل خاص بالإضافة للعالمية وذلك عبر وسيلة مثل مجلة دورية توزع على الخطباء وأمثالهم من العاملين في الشأن الاجتماعي مثل منسوبي جمعية حقوق الإنسان ومرشدي الطلاب والمعالجين النفسيين والشرطة ولجان إصلاح ذات البين والمناصحة لكي لا تدفن الدراسات بدون أي استفادة واقعية منها ولكي يكون الخطاب العام والإجراءات الموجهة للظواهر السلبية متولدة عن تصور واقعي للأسباب الحقيقية الواقعية وراء تلك الظواهر، لأنه طالما لم يحدث هذا فسيبقى السائد ردود الأفعال العشوائية البعيدة كل البعد عن واقع مسببات تلك الظواهر ولذا هي لا تعالجها بل تزيدها سوءا، وبالنسبة لخطب الجمعة فبالعموم السائد حاليا إما ما له مثال نموذج الخطبة عن لعبة فورتنايت أو مجرد تكرار للأدبيات الدينية التي يعرفها ويحفظها كل طالب مدرسة ولا تقدم أي إرشادات موضوعية لكيفية التعامل مع الظواهر السلبية التي يفترض أنها تحذر منها لأنها تفتقر لمطالعة الدراسة الميدانية على تلك الظواهر وتوصيات المختصين الذين درسوها، ولو تولدت الخطب عن مطالعة الدراسات المتخصصة لأحدثت نقلة في نمط التفكير والسلوك العام من العشوائية غير الموضوعية إلى نمط التفكير الموضوعي العلمي المنهجي عندما يسمع الناس كل جمعة أسبابا وتوصيات لعلاج المشكلات المختلفة نتجت عن دراسات علمية وميدانية عليها وليس مجرد رأي شخصي لا يخلو من انحيازات الأهواء الشخصية وعيوب قصور المطالعات المتخصصة، وإلا فالحاصل حاليا أنه فوق تنفير هذا الخطاب الديني العشوائي للشباب المسلم عن دينهم فالمنصات الإعلامية الغربية المتربصة مثل منظمة «ميموري» الصهيونية تترجمه من العربية وتنشره في كل العالم ويصبح مادة للسخرية من الإسلام والمسلمين وبلدانهم في برامج الكوميديا الغربية المبتذلة فتولد بذلك أسوأ الانطباعات عن عقلية المسلمين.

* كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com