-A +A
حمود أبو طالب
للدبلوماسيين أسلوبهم الخاص في التعاطي مع الأزمات والمشاكل، لهم منهجهم ومعاييرهم واعتباراتهم، ولكن للمواطن العادي المنتمي لوطنه والمحب له أسلوبه العفوي المباشر الذي يعبر من خلاله عن رفضه التهجم على وطنه. هذه المعادلة برزت بوضوح في تداعيات قضية جمال خاشقجي، فقد استطاع الشعب السعودي مواجهة حملة إعلامية ضخمة ممنهجة تدار بواسطة عدة أطراف دولية، وتمكن من تسجيل موقف قوي أثبت للعالم أنه شعب يصعب اختراقه أو التلاعب بمكوناته والإخلال بتماسكه.

ولكن بعد مقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن بوست نستطيع بوضوح وبعيداً عن لغة الدبلوماسيين أن نقول كمواطنين إن تركيا هي أبرز الذين يؤججون نار الأزمة والتأليب على المملكة. نعرف أن مكتب الرئيس أردوغان هو المسيطر على الإعلام التركي وهو الذي أدار حملة التسريبات وفق خطة مرسومة ليجعل القضية مواجهة بين المملكة والرأي العام الغربي، ثم خرج أردوغان في خطابه ودس السم في العسل، ومؤخراً كتب مقالاً عبر المنصة الرئيسية التي تزعمت الحملة على المملكة وقد تحدثنا عن ذلك يوم أمس.


ولكن هل يمكننا السكوت عن تصريح السيد نعمان كورتلموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم بشأن سلامة الحجاج والمعتمرين. الرئيس أردوغان هو رئيس الحزب ولن يملك نائبه الجرأة على قول ما قاله إلا بضوء أخضر من رئيسه، وطالما هو الحزب الحاكم فإن ما قاله هو رأي رسمي حكومي يمثل الدولة التركية ورئيسها، وبصيغة مباشرة نعتبر ما قاله كورتلموش تجاوزاً تركياً رسمياً صارخاً على المملكة يعيد من جديد نغمة تدويل الحرمين الشريفين التي تبناها المحور الإيراني القطري وتمت مواجهتها برفض قاطع من المملكة العالم الإسلامي أجمع.

الدور الذي تمارسه تركيا رسميا ضد المملكة خلال هذه الأزمة يتسم بخطورة شديدة على علاقات البلدين، ونأمل منها أن تكف عن الابتزاز الذي تمارسه وتعمل معنا بنزاهة لإغلاق ملف قضية خاشقجي والحرص على علاقة جيدة مع المملكة التي لن تقبل هذه الممارسات.