-A +A
عبدالله الجنيد
«لقد أبلغت ملك البحرين وولي عهده، أنه في حال اضطرت البحرين نتيجة لعملية الإصلاح الاقتصادي لتسريح بعض مواطنيها، فإننا سنوظفهم في اليوم التالي» جاء ذلك في معرض رد سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أحد أسئلة فريق مؤسسة بلومبرغ الإعلامية. في عام ٢٠١١ تقدم المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمشروع الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، فكان صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هو أول من لبى نداء الاتحاد دون قيد أو شرط.

حالة التوأمة السعودية البحرينية هي نتاج التاريخ الحي للإنسان في أرض جزيرة العرب والبحرين، إلا أن هذه التجربة الاجتماعية والسياسية قد تعمقت منذ أن اتفقت رؤى المؤسسين على ضرورة تثبيت الهوية العربية سياسيا منذ القرن الثامن عشر الميلادي. وإن كان لآل خليفة السبق في تأسيس دولتهم التي امتدت لتشمل أرخبيل البحرين وشبه جزيرة قطر حينها، إلا أن المنطقة لم تستقر سياسيا وحتى يومنا هذا إلا بعد قيام الدولة السعودية الثالثة وتوحيد شبه الجزيرة العربية تحت لواء التوحيد والموحد غفر الله له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. ذلك التاريخ ترجم أفعالا لم يكن آخرها قول الأمير سعود الفيصل رحمه الله في عام ٢٠١٢ «ليعلم الجميع، أنه عندما يأتي يوم يفرض فيه شيء على البحرين، فليتأكد الجميع أن ذلك قد حدث لأن المملكة العربية السعودية لم تعد موجودة حينها».


ولو قرأ أي باحث في الشأن السياسي أو الاجتماعي في التاريخ المشترك للسعودية والبحرين فإنه سوف يجد أن الحاضر هو ترجمة لتاريخ الأمس، وأن المستقبل هو وليد اليوم. وأن كلمات سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هي كلمات إمام الأمة وعقيد رايتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وثلاثة وعشرين مليون سعودي. وأن وحدة المصير ستذلل أصعب التحديات مهما بلغت، إلا أننا الْيَوْمَ يجب أن نثبت للجميع أن البحرين وأهلها قادرون على مواجهة المزيد من تحديات الإصلاح المالي والإداري، وقد تكون الفرصة الأنسب للتعبير عن ذلك من خلال من سوف يوصله الناخب البحريني للبرلمان الوطني في الانتخابات القادمة. وفي نفس الوقت يتحتم على الدولة تعميق مفهوم ممارسة الإفصاح والشفافية، وقد يكون أول ذلك محاربة الفساد عبر إعطاء ديوان الرقابة المالية للدولة كافة الصلاحيات القانونية للاضطلاع بذلك. وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هو فارس مشروع الإصلاح السياسي والاجتماعي، وتشهد له أحداث الانقلاب الطائفي بذلك.

الموقف السعودي، الإماراتي والكويتي ليس بالجديد علينا، فقد عُمدت إرادتهم مع إخوتهم في البحرين بدماء الشهداء على أرض البحرين واليمن. لذلك لم يكن بالأمر الجديد أن يهب الأشقاء للوقوف معها في أزمتها الراهنة. ولم تكن كلمات سمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أو لولي عهد البحرين سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة من باب التسويق الإعلامي لبرنامج الإصلاح السعودي، بل لإيصال رسالة واضحة للقاصي والداني بأن البحرين لن يمسها ضر إلا بما كتبه الله علينا، وأن إرادة المستقبل تكتب الآن عبر مشاريع لن يكون آخرها جسر الملك حمد الجديد.

وقد يكون من المناسب الآن طرح مبادرات حقيقية من قبل البحرين والسعودية قد تمثل نواةً لتحريك سوق المال والتمويل الإستراتيجي. وقد يمثل مشروع جسر الملك حمد تلك الانطلاقة عبر إيجاد أدوات تمويل غير تقليدية. فلماذا لا تتم خصخصة ٦٠٪ من مؤسسة جسر الملك فهد بعد تحويلها إلى شركة، ومن ثم توجيه جزء من عائدات الخصخصة لتأسيس شركة بين القطاعين العام والخاص تعطى حقوق تشغيل المشروع لمائة عام. كذلك قد تقوم شركة جسر الملك فهد بتقديم حلول أكثر فعالية لتطوير الجسر القائم وإيجاد آليات التمويل لذلك. إن ما تحتاجه المنطقة الآن هو إطلاق العنان للخيال، ومن يعتقد أن هناك شُحاً في السيولة في سوق المال الخليجي فهو بعيد عن الواقع. فالقطاع الخاص الخليجي يحتكم على ما قيمته أربعة ترليونات دولار أمريكي، لكن هذا القطاع يبحث عن أمرين؛ أولهما الفرص الحقيقية ذات العائد المناسب، أما ثانيهما، وذلك الأهم، فهي مقاييس حوكمة مثل هذه العمليات وشفافيتها، وعلى أن تعطى صناديق التأمينات الاجتماعية في دولنا الفرصة للاستثمار فيها.

* كاتب بحريني