-A +A
هاني الظاهري
أحبطت السلطات البلجيكية أمس الأول مخططاً إرهابياً يقف خلفه نظام طهران لتفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، وهي ليست المرة الأولى التي تُكشف فيها عملية من عمليات نظام خامنئي الإرهابية ولن تكون الأخيرة بالطبع؛ فالإرهاب هو العمود الفقري لهذا النظام، لكن هناك دلالات لهذه العملية فاستهداف مؤتمر بهذا الحجم وفي قلب أوروبا مسألة تؤكد أن النظام الإيراني مستعد لارتكاب أي حماقة تحت ضغط رغبته المتوحشة في حماية صورته داخليا وسط توسع رقعة الاحتجاجات على الأراضي الإيرانية والانتكاسة الاقتصادية القاتلة التي تسبب فيها إلغاء الاتفاق النووي من جهة الولايات المتحدة الأمريكية أخيراً.

منذ عام 2017 والاحتجاجات المتفرقة تنطلق في المدن الإيرانية يوميا على خلفية سوء الأوضاع الاقتصادية وهي تشكل ضغطا حقيقيا على النظام يدفعه كما أسلفت لارتكاب حماقات سياسية في الخارج كما هو حال العملية الأخيرة، لكن هذه الاحتجاجات ما زالت حتى اللحظة غير قادرة على التحول إلى ثورة عارمة من شأنها أن تسقطه خلال ساعات أو بضعة أيام لأسباب متعددة أبرزها القمع المستمر للمتظاهرين على يد قوات الحرس الثوري وسط تعتيم إعلامي كبير، بجانب إحجام معظم أبناء الطبقة المتوسطة عن المشاركة في التظاهرات التي يقودها أبناء الطبقة الفقيرة أو المسحوقة بشكل غير منظم وبدون قيادات واضحة أو رموز سياسية في الداخل الإيراني ما يجعلها أقرب لصرخات الجياع منها إلى احتجاجات سياسية تستهدف تغيير النظام، وهذا عكس ما حدث عام 2009م في المظاهرات التي كادت تسقط النظام الإيراني نتيجة بروز قيادات شعبية لها ومشاركة جميع الطبقات الاجتماعية فيها ووجود مطالب سياسية واضحة متعلقة بنتيجة الانتخابات الرئاسية آنذاك.


إذا فهمنا ما سبق جيداً سندرك أن الداخل الإيراني الساخن منذ عام ونصف بحاجة لخريطة طريق تحول التظاهرات المتفرقة إلى ثورة هادرة قادرة على إسقاط خامنئي تحت أقدام الإيرانيين، ولعل أول نقطة في هذه الخريطة هي العمل الدولي المشترك على تهيئة السبل وخلق الفرص والأرضية للدفع بالطبقتين المتوسطة والغنية في إيران للمشاركة في الاحتجاجات دون تردد، أما النقطة الثانية فهي ضرورة الدفع بقيادات شعبية إيرانية معارضة لتصدر المشهد في الداخل وقيادة الحشود، مع دعمها دوليا بكافة السبل، فإيران مليئة بالمعارضين الذين يحظون بشعبية جيدة حتى في داخل مؤسسات النظام الحاكم نفسه، لكن هؤلاء المعارضين يفتقرون إلى الدعم الدولي الحقيقي والغطاء الإعلامي الذي قد يساعد في حمايتهم من تغول الحرس الثوري، وهذا وضع يمنعهم بالطبع من المجازفة والانخراط علنا في مشروع تغيير النظام.

ربما يساعد تفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية خلال الأشهر القادمة نتيجة العقوبات الأمريكية إلى التحام الطبقتين الوسطى والغنية بالطبقة المحتجة حاليا، لكن مسألة الدفع بالقيادات الشعبية المعارضة في الداخل للميدان بحاجة إلى عمل دولي استراتيجي مشترك لتخليص العالم من شر هذا النظام إلى الأبد.

* كاتب سعودي

Hani_DH@

gm@mem-sa.com