-A +A
عبدالرحمن اللاحم
الدولة القادرة على تجديد نفسها هي دولة لا تشيخ، ولا يمكن أن تدب إلى مفاصلها الكهولة والهرم، ما دامت قيادتها واعية بالتغيرات الاجتماعية المتسارعة، فتتواكب وتتكيف مع هذه التغيرات بشكل يسهم في استمرارية الدولة وحيويتها، وهذا تحديدا ما حدث ليلة الأحد الماضي من خلال حزمة من الأوامر الملكية أصدرها الملك سلمان، كلها تصب في ذلك الاتجاه وتعززه، وكان الأبرز الدفع بأمراء شباب إلى دفة القيادة وتقلدهم مناصب قيادية في إمارات المناطق، وكلهم في العقد الثالث من أعمارهم، وتمكينهم من أخذ الخبرة من الأمراء المخضرمين، في تسلسل يصب في النهاية في خانة تمتين المؤسسات الحكومية والرفع من جودة خدماتها.

هناك قرار أعتقد أنه من أهم القرارات التي أصدرها الملك سلمان وهو إعفاء وزير الخدمة المدنية وإحالته للتحقيق، في سابقة تاريخية وخطوة بالغة الأهمية في طريق مواجهة الفساد ومكافحته، فقد كان التقليد السائد بالسابق أن ديباجة قرارات الإقالة تدور على (الإعفاء بناء على طلبه) أو الإعفاء المجرد، إلا أننا الآن أمام نوع ثالث لم يكن معروفا من قبل وهو الإعفاء والإحالة إلى التحقيق، وتفعيل نظام محاكمة الوزراء، الذي أعتقد أنه للمرة الأولى الذي يشار إليه في ديباجة أمر ملكي، وهو الأمر الذي لا يجعل (التوزير) عبارة عن منصب وحاشية وبشت ووجاهة اجتماعية فقط، وإنما رسخ الملك من خلال قرار الإقالة فكرة أساسية أنه لا توجد مسؤولية بلا محاسبة، فعلى حجم الثقة تكون المحاسبة، وهي الركيزة الأساسية في الشفافية ومكافحة الفساد وسيُلتقط الدرس جيدا من قبل بقية المسؤولين، فكما أن بشت معالي الوزير لم يحصنه من المساءلة القانونية فما دونه أولى، والذكي من اتعظ بغيره.