-A +A
عبدالله عمر خياط
.. ليلة وبعض ليلة وتسطع ليلة الإسراء التي هي من الليالي الفاضلة التي يستحب فيها العمل الصالح من ذكر وشكر لله تعالى على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى وقيام بجوف الليل امتناناً لما أكرم الله نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالفضل والإكرام لقوله جل وعلا بسورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، ولئن لم يثبت أن ليلة 27 من شهر رجب هي الليلة التي أسري فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ومنها عُرج به إلى السماء، فما هو المانع من إحياء تلك الليلة بتلاوة القرآن والصلاة بقدر ما استطاع.. أما المنع من القيام بشيء من ذلك هو دليل الجهل الذي يورث الإثم لقول الحق سبحانه وتعالى بسورة «اقرأ»: {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى}، ورجب هو أحد الأشهر الحُرم التي قال عنها الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه بسورة التوبة: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم}.

ولشهر رجب فضائل جمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن رجب شهر الله الأصم، وهو شهر عظيم، وإنما سمي الأصم لأنه لا يقارنه شهر من الشهور حرمة وفضلاً عند الله تبارك وتعالى، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الإسلام لم يزدد إلا تعظيماً وفضلاً».


ولقد قيل: إن الحكمة في المعراج أن الله تعالى أراد أن يشرف بأنوار محمد صلى الله عليه وسلم السماوات كما شرف ببركاته الأرضين فسرى به إلى المعراج، وسئل أبو العباس الدينوري: لم أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قبل أن يعرج به إلى السماء؟ فقال: لأن الله تعالى كان يعلم أن كفار قريش كانوا يكذبونه فيما يخبرهم به من أخبار السماوات فأراد أن يخبرهم من الأرض التي قد بلغوها وعاينوها وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيت المقدس قط فلما أخبرهم بأخبار بيت المقدس على ما هو عليه لم يمكنهم أن يكذبوه في أخبار السماء بعد أن صدقوا أخبار الأرض».

وقد ذكر ابن رجب الحنبلي في كتابه «لطائف المعارف»: «أن ابن عمر رضي الله عنهما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، فأنكرت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أم المؤمنين عائشة ذلك عليه وابن عمر يسمع، فسكت. غير أن الفاروق عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».

والذي لا شك فيه أن التقرب إلى الله بالنوافل من أفضل الأعمال التي يحسن بالمسلم أن يؤديها وبالذات في الأشهر الحُرم من صيام وقيام وصدقة وفعل معروف، فالحق سبحانه وتعالى يقول بسورة المزمل: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

السطر الأخير:

يا ليلة الإسراء نال نبينا .. فيك الإمامة وهو خير إمام

يا ليلة المعراج حسبك رفعة .. نور يضيء لكشف كل ظلام

يا ليلة في جنحها وسكونها .. فاز النبي برؤية وكلام

aokhayat@yahoo.com