-A +A
سعيد السريحي
حذر مفتي المملكة الدعاة من أن يدعوا الناس إلى شيء ويخالفونه، واضعا يده على جوهرالظاهرة التي طالما أثارت عجب الناس واستغرابهم وطالما لمسوا من خلالها أن لهؤلاء الدعاة ظاهرا وباطنا، ظاهرا يراهم الناس عليه حين يتحدثون في حلقات الوعظ ويخطبون على المنابر ويتحدثون لأجهزة الإعلام، وباطنا لا يعرف الناس منه إلا قليلا مما يتسرب عن الحياة الخاصة لأولئك الدعاة، وهو باطن لا علاقة له بما يظهرون عليه أو يدعون إليه، وقد أشار سماحة المفتي بوضوح إلى ذلك حين حذر كذلك من أن (يكون للدعوة جانبان؛ ظاهري، وسري خفي لا يعلمه إلا أفراد الجماعة والمنتسبون إليها).

ولعل الدعوة لم تبتل بشيء كما أبتليت بأمثال أولئك الدعاة الذين حذرهم المفتي تحذيرا يستبطن التحذير منهم كذلك، أولئك الدعاة الذين يدعون الناس إلى التشدد والتطرف بينما يحيون هم أنفسهم حياة اليسر والاعتدال، يحضون الناس على التقشف والزهد ويحيون هم وأبناؤهم حياة الترف والبذخ، يزهّدون الناس في كل شيء ويتكالبون على الدنيا ويتهافتون على متعها، يحرضون الناس على الخروج إلى الجهاد ويغررون الشباب بإلقاء أيديهم إلى التهلكة ثم لا يخرجون هم ولا يدفعون بأبنائهم ومن يعزون عليهم إلى ما دعوا الناس إلى إلقاء أنفسهم فيه من الهلاك، يحذرون الناس من السفر إلى الخارج ويؤنبونهم عليه إن فعلوا ولهم في كل منتجع في العالم مكان وإلى كل مكان في أرجاء العالم رحلة.


حذر المفتى أولئك الدعاة من أن يكون لهم ظاهر وباطن، لأنهم بذلك لا يفسدون حياة الناس فحسب، بل يفسدون صورة الداعية الذي يربأ بنفسه عن أن يكون ذا وجهين فلا يكون بعد ذلك عند الله وجيها حتى لو خاتل الناس ردحا من الزمن وخادعهم بظاهره النقي عن باطنه الذي تشوبه كل الشوائب.

suraihi@gmail.com