-A +A
حمود أبو طالب
سألت إحدى المراسلات وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، الذي يزور المملكة الآن، ما هي المواضيع التي تطرقتم لها في اجتماعكم مع ولي العهد السعودي، فأجاب بكلمة واحدة: «كثير». هذه إجابة متوقعة، فرغم المواضيع المعلنة لأهداف الزيارة إلا أن هناك الكثير فعلاً مما يقتضي بحثه في هذا الوقت والظروف الراهنة، التي تكتنفها خلافات في مواقف ووجهات نظر وتوجهات إزاء كثير من القضايا.

ومن نافلة القول بأن العلاقات السعودية الأمريكية تتصف بأنها استراتيجية للطرفين، وتأريخية وعميقة ومتشعبة، ومن الجانب السعودي فإنه ملتزم عبر كل المراحل بأنه شريك موثوق وملتزم وذو مصداقية في كل ما له شأن بهذه العلاقة، لكن المشكلة تكمن في الجانب الأمريكي خصوصاً في مرحلة الإدارة الديموقراطية الحالية، التي بدأت بمواقف غير ودية تجاه المملكة، بل مستفزة وتفتقد إلى أدبيات الدبلوماسية، ولم تضع في اعتبارها موجبات احترام الشريك السعودي كأهم الحلفاء في المنطقة. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الإدارة لم ترد أن تستوعب المرحلة الجديدة التي تعيشها المملكة، التي تقتضي البحث عن مصالحها الوطنية سياسياً واقتصادياً أينما كانت، كحق سيادي منطقي مثلما تفعل بقية الدول، وأن شراكاتها الجديدة مع دول غير أمريكا هي شراكات متوازنة لا تعني الانحياز لطرف على حساب آخر، وتحديداً لا تعني إدارة ظهرها لأمريكا، لكن من الصعب على المملكة أن تؤطر مواقفها وسياساتها بحسب رغبة الجانب الأمريكي عندما يكون ذلك ضد مصالحها.


هناك إشكالات قائمة ومعروفة بين الطرفين، لكن المملكة تسعى بجدية وشفافية إلى تجاوزها من أجل السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ومن أجل تحقيق المنافع المشتركة، ولكي تبقى العلاقة الثنائية يسودها التفاهم والتعاون البناء، على أمريكا أن تتفهم وتحترم سياسات المملكة كدولة محورية مهمة في العالم العربي والإسلامي، وفاعلة في الساحة العالمية.