-A +A
أسامة يماني
تستخدم واشنطن الدولار كسلاح من خلاله تعمل على السيطرة والهيمنة والحصول على الموارد والخدمات وجعل ميزان المدفوعات في صالحها، وقد تطرقت في مقال سابق إلى كيفية استخدام واشنطن له وهو ما تأكده الواقع والتقارير ووسائل الإعلام، فقد أشار الرئيس الإندونيسي إلى ضرورة حماية المعاملات من التداعيات الجيوسياسية المحتملة. وقال: «يجب أن نكون حذرين للغاية، يجب أن نتذكر العقوبات الأمريكية ضد روسيا (فيزا)، و(ماستركارد) يمكن أن تصبحا مشكلة».

وأوضح الرئيس الإندونيسي أن الإجراءات التقييدية التي تفرضها الولايات المتحدة بسبب الوضع في أوكرانيا يمكن أن تخلق صعوبات، حيث يمكن استخدام الأدوات الاقتصادية، بما في ذلك أنظمة الدفع، ضد الدول التي يعتقد أنها متورطة في الصراع، وذلك أيضاً ما صرح به السفير الإندونيسي لدى موسكو خوسيه أنطونيو موراتو تافاريس بأن إندونيسيا تدرس استخدام بطاقات من نظام الدفع الروسي «مير» (Mir). ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة (نيويورك بوست) لمؤلفه غاي نيومان، فإن التخلي عن الدولار سيوجه ضربة قوية لمكانة الولايات المتحدة. وأفادت (بلومبيرغ): «إن الخطأ الذي وقعت فيه السياسة الأمريكية هو رغبتها في السيطرة على دول العالم، مما دفع معظم دول العالم في رفض العقوبات الأمريكية وعزز النفوذ الروسي عالمياً».


وكما تستخدم واشنطن الدولار كسلاح، فهي تستخدم المنظمات الدولية كسلاح وللتحكم والهيمنة والسيطرة. حيث يجب التنويه لهذه الممارسات وخطورة توظيفها سياسياً لصالح الغرب. ومثال لهذا الاستخدام، المحكمة الجنائية الدولية التي أسست في الأساس وفق البروتوكول، ميثاق الإنشاء، حيث لا تعترف واشنطن باختصاص المحكمة الجنائية فهي لم تنضم إلى المعاهدة التأسيسية للمحكمة، «نظام روما الأساسي»، بل وتتخذ تدابير أحياناً ضد المحكمة الدولية، وفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة بما في ذلك ضد المدعية السابقة فاتو بنسودة، التي بدأت تحقيقاً في الفظائع الأمريكية في أفغانستان، ولكن حتى أثناء إلغاء القرار، أوضحت إدارة بايدن أنها لا تزال تعارض «إجراءات المحكمة الجنائية الدولية» في الوضعين الأفغاني والفلسطيني. هذه الازدواجية الخطيرة توضح إلى أي مدى توظف واشنطن هذه المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية لأغراضها ولصالحها فقط، لأن الغرب يستخدم كل المؤسسات الدولية لخدمة أغراضه وأهدافه ويسعى من خلالها السيطرة والهيمنة على العالم.

ازدواجية المعايير تشكل تهديداً خطيراً على السلم والأمن العالمي، لذلك قال عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي تييري مارياني إن العمل الدعائي الذي قامت به المحكمة الجنائية الدولية حول مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا علاقة له بالعدالة.

وقد حددت المادة (5)

الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة

1- يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وللمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية:

أ) جريمة الإبادة الجماعية.

ب) الجرائم ضد الإنسانية.

ج) جرائم الحرب.

د) جريمة العدوان.

وحددت المادة (7) الجرائم ضد الإنسانية:-

أ) القتل العمد.

ب‌) الإبادة.

ج) الاسترقاق.

د) إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.

نصت المادة (11)

١- ليس للمحكمة اختصاص إلا إذا أصبحت دولة من الدول طرفاً في هذا النظام الأساسي بعد بدء نفاذه، لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا في ما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام بالنسبة لتلك الدولة، ما لم تكن الدولة قد أصدرت إعلانا بموجب الفقرة 3 من المادة 12.

من هنا يتضح أن محكمة الجنائية الدولية لم تطبق صحيح النظام، كما لم تطبق نصت المادة (31) من نظامها الذي ينص على عدد من الأسباب لامتناع المسؤولية الجنائية، أبرزها ما جاء بالفقرة 1/‏ ج، والتي منعت المسؤولية إذا كان تصرف الشخص المعني على نحو معقول للدفاع عن نفسه أو عن شخص آخر، أو إذا كان يدافع في حالة جرائم الحرب عن ممتلكات لا غنى عنها لبقاء الشخص أو شخص آخر أو عن ممتلكات لا غنى عنها لإنجاز مهام عسكرية ضد استخدام وشيك وغير مشروع للقوة، وذلك بطريقة تتناسب مع درجة الخطر الذي يهدد هذا الشخص أو الشخص الآخر أو الممتلكات المقصود حمايتها.

الضرب بعرض الحائط بالقوانين والأنظمة وازدواجية المعايير وتوظيف هذه المنظمات وغيرها في سبيل مصلحة الغرب يجعل العالم غابة البقاء فيها للقوى الغاشمة الرافضة للتعددية العالمية.