-A +A
حمود أبو طالب
«إلغاء 110 صكوك على بحر جدة لأمراء ووزراء وتجار».. هكذا عنوان في الصفحة الأولى لعكاظ يوم أمس لم نكن نتخيل في زمن سابق أن نشاهده في أي صحيفة لأنه يستحيل نشره، أو ربما حتى الإشارة له بأي صيغة، رغم أن الجميع يعرفون ما يحدث، وعندما بدأت مرحلة المحاسبة على استحياء تكشفت أخبار سطو على أراضي الدولة والملكيات العامة بشكل لا يصدقه عقل، سمعنا عن الصكوك الطائرة بملايين الأمتار في مختلف مناطق المملكة، وسمعنا عن دخول الجن على خط إصدار الصكوك كمحاولة مضحكة واستغفال كبير ومهين لعقول الناس من أجل تبرئة من تورطوا في إصدارها، ومع ذلك لم تكن ثمة إجراءات حاسمة لاسترجاع ما تم نهبه ومحاسبة المتورطين في ذلك.

الآن اختلفت المرحلة تماماً، نعم اختلفت جذرياً، كل شيء يتم بوضوح وحزم وعزم وحسم. الكل سواسية على مسطرة القانون، والكل خاضعون للأنظمة، ولا أحد فوق النظام. كل شيء يتم تسميته بمسماه الحقيقي، وكل شخص متورط في مخالفات وتجاوزات يشار إليه مباشرةً دون مواربة، لا توجد شخصيات أو كيانات اعتبارية تتمتع مخالفاتها بالتغاضي عنها أو التساهل فيها، فمنذ بدأت المرحلة الحقيقية لمكافحة الفساد مع بداية الرؤية الوطنية حدث زلزال لم يتوقعه أكثر المتفائلين، لكنه حدث فعلاً وحدد الخطوط الحمراء التي لا تتسامح فيها الدولة، وتمت المحاسبة بأثر رجعي لتكون درساً واضحاً للجميع.


كان المواطن البسيط يحلم بأقل مساحة أرض في أي مكان بينما يرى المساحات الشاسعة تحيطها الأسوار والشبوك التي وضعها المتنفذون، وكانت أجهزة الدولة تبحث عن أراضٍ لمقراتها في مدن المملكة لكنها تجد صعوبة في الحصول عليها، تم السطو على الشواطئ والحدائق العامة، وحتى البراري والفيافي لم تسلم من الشهية المفتوحة للمعتدين الذين أمنوا المساءلة.

لكن كل شيء اختلف في هذه المرحلة الجميلة، الوطن بأنظمته وقوانينه فوق كل أحد، أياً كان، ومن لا يصدق فليجرب.