-A +A
حسين شبكشي
لم يكن أكثر المحللين تفاؤلاً يتوقع بأي شكل من الأشكال ما أسفرت عنه نتائج المباحثات السرية التي تمت بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية صينية، والتي تم الإعلان عنها منذ أيام، وجاء فيها أنه قد تم الاتفاق على نقاط الخلاف الرئيسية بين البلدين، وكذلك تم الاتفاق على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في غضون شهرين.

وبهذه الخطوة المفاجئة والحكيمة تؤكد السعودية وبشكل عملي واضح حرصها الشديد على أمن المنطقة واستقرارها باعتبارها جزءاً حيوياً من العالم. وأنها تؤكد على منهجية الحوار كوسيلة عملية وفعالة ومؤثرة لعلاج وحل المشاكل المختلفة بين دول العالم مهما كانت معقدة وصعبة.


وهي أيضاً خطوة عملية لإعادة تأكيد أحد أهم أركان السياسة الخارجية السعودية المعتمدة على احترام علاقات الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وأن يد المملكة العربية السعودية دائماً ممدودة لكل مبادرات السلام وما يحقق الاستقرار. وقد رحبت السعودية بمبادرة الرئيس الصيني تشي للتوسط بين السعودية وإيران؛ احتراماً لشخص الرئيس الصيني، وتقديراً لمكانة الصين ومكانة العلاقات المهمة بين السعودية والصين.

وقدرت السعودية للصين دورها البناء في إنجاح الاتفاق الدبلوماسي بين السعودية وإيران، الذي يجيء بعد مباحثات سبقتها في كل من سلطنة عمان وجمهورية العراق، اللتين تستحقان كل الشكر والتقدير والاحترام.

وبعد الإعلان عن هذا الاتفاق المهم جداً انتقل الخبر بسرعة هائلة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وسرت معه موجة هائلة من التفاؤل لكون هذا الاتفاق سيكون له الأثر الإيجابي في الكثير من البقع الملتهبة في المنطقة.

هذا الحراك الدبلوماسي السعودي الذكي والحكيم قطع الطريق على من كان يحاول تأجيج المشاكل في المنطقة واستغلالها لصالحه وفرض بالتالي أمراً واقعاً جديداً.

عملت الدبلوماسية السعودية في صمت شديد لعلاج أحد أهم وأعقد ملفات العلاقات بين الدول التي تعنيها وحققت ما أرادته في شروط هذا الاتفاق الذي تم إعلانه. الأهم أن ما حدث هو لبنة أخرى لتأكيد أن هناك «السعودية الجديدة» التي تعيد رسم سياساتها بمحاور متطورة فيها مراعاة جادة للظروف والمتغيرات، ومن لا يعي ذلك سيظل متفاجئاً من كل خطوة سعودية.