-A +A
أحمد الجميعة
لا يوجد ممارسة إعلامية واتصالية لمسؤول أو مؤسسة حكومية أو خاصة من دون أن يكون هناك مخاطر أو تحديات أو ردود سلبية متوقعة من الرأي العام، وتحديداً في شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن السؤال ما حجم تأثيرها، وما قيمتها ووزنها النسبي مقارنة بالأثر المتحقق منها، والأهم ما وسائل الاستجابة في التعامل معها والتقليل من آثارها، حيث لا يزال هاجس التحوط الإعلامي لدى بعض المسؤولين أو المؤسسات مبالغاً فيه؛ لدرجة تفويت الكثير من الفرص والمكاسب الإعلامية التي يمكن تحقيقها، كما لا يزال التواصل مع الجمهور على محك آخر من التردد خوفاً على الصورة الذهنية، وبالتالي ترك مساحة من الفراغ الذي كان بالإمكان استثماره، وسد فجوته بالكثير من الإيجابية والتفاعل.

هناك معايير متوافق عليها - وليس بالضرورة الاتفاق معها - في تقدير الظهور الإعلامي للمسؤول أو الجهة؛ أهمها نوع المحتوى، وتوقيته، وأهميته للجمهور، ومدى علاقته مع مضامين أخرى ذات تعليقات سلبية متعارف عليها، أو تجارب سابقة غير ناجحة، وهذه المعايير يتم تداولها من المحيطين بالمسؤول، أو داخل إدارات الإعلام في الجهات الحكومية بشكل مستمر، وتطبيقها على أي ممارسة إعلامية واتصالية، وتبدأ معها رحلة طويلة من النقاش وتبادل الرأي في التحليل والتنبؤ؛ وصولاً للقرار الذي لن يكون سهلاً، ولكنه يبقى ضرورياً في اتخاذه، والأكثر تحدياً حينما يكون الوقت المتاح ليس كافياً لمزيد من التريّث، أو انتظار المزيد من اكتمال الصورة.


أفضل الممارسات المتعارف عليها في التعامل مع حالات التردد الإعلامي لدى بعض المسؤولين أو الجهات هي تطبيق قاعدة أقل الضررين؛ بمعنى أيهما أكثر ضرراً الصمت أو الظهور، والإجابة حتماً لا تتوقف عند هذا الحد؛ فإذا كان الصمت ما هو البديل لملء الفراغ، وما مدى كفايته، وكفاءته في إيصال الرسالة الإعلامية للجمهور، وإذا كان الجواب مع الظهور ما هو درجته بالنسبة للمسؤول الأول أو من ينوب عنه من مسؤولين أو المتحدث الرسمي للجهة، وفي كلتا الحالتين تبدو العملية معقدة وليست سهلة، ولكن أكثرها تعقيداً من يحاول تضخيم المخاطر لدى المسؤول والجهة؛ لدرجة يصعب معها اتخاذ القرار، أو من يستشعر أنه الأكفأ دون غيره في معرفة التفاصيل، ولكنه يجهل أن الجمهور اليوم أكثر وعياً ونضجاً من أحكامه المسبقة.

نكرر دائماً أن ما يثار في شبكات التواصل الاجتماعي تجاه مسؤولين أو جهات يبقى مؤشراً على اتجاه الرأي العام، ولكن ليس بالضرورة أن يعكس الرأي العام الحقيقي، كما نكرر أيضاً أن المسؤول الناجح الذي لديه مشروع يؤمن به ويسعى إلى تحقيقه لا يتوقف كثيراً عند ما يثار تجاهه أو تجاه مؤسسته؛ لأن لحظة الخوف أو التردد أو التحوط المبالغ فيه يعني الفشل أو التعثّر في تحقيق المستهدف المطلوب.