لا تكاد تمضي علينا 48 ساعة بدون وجود منجز سعودي أو إطلاق لاستراتيجية وطنية أو إعلان لتقدم المملكة في مؤشر أو تصنيف عالمي، لكن الإشكالية تكمن في أن هذه المنجزات يتم التعبير عنها والنشر بطريقة لا تتواكب مع صناعة التواصل الاحترافي، فتجد الجهة تلجأ إلى تغريدة وتعليق من مشهور معين وينتهي الحدث والخبر خلال ساعات معدودة ويصبح من الماضي، في غياب لخطة تواصلية عملية استراتيجية تستهدف جمهوراً داخلياً في الجهة ذاتها حتى يكونوا جزءاً من المنجز، وخارجياً لجمهور المملكة من مواطنين ومقيمين على أرضها، وعالمياً لجمهور الثقافات المختلفة خارج حدود الوطن، وبلغات ومنافذ متعددة، ووضع استراتيجية للتذكير بها من فترة وأخرى وبطرق ذكية لاستدامة الأثر. نحن بحاجة إلى صناعة أكبر لفرحة المنجز، لقوة الاستمرار في تحقيق المستهدفات، للغة الفخر بهذا التغيير الجذري والإصلاح التنموي الذي يقوده ولي العهد، واعتقد أن صناعة التواصل في الجهات الحكومية بحاجة إلى مراقبة وتقييم مستمر، وأخذ حالات لنماذج سلبية وإيجابية والاستفادة منها، وقد يكون على عاتق مركز التواصل الحكومي تقوية هذا الجانب ووضع مؤشرات أداء اتصالية لكل جهة حكومية في ما يتعلق بمستهدفات رؤية السعودية 2030، وإعداد تقرير نصف سنوي عن مستوى الأداء في الممارسات الاتصالية الإيجابية والسلبية وتبيان مكامن الخلل لكل جهة وتقييم للعاملين في المجال تشمل خبراتهم المهنية، شهاداتهم العلمية وغيرها، إن صناعة التواصل اليوم تحتّم علينا نحن أبناء وبنات هذا الوطن العظيم أن نحمل على عاتقنا نقل المنجزات بطريقة احترافية والإحساس بشعور النجاح الوطني، ونشارك كافة القطاعات العاملة في فخر تحقيق المستهدفات والتكامل بين الجهات، لن يكون صانع التواصل في المؤسسات الحكومية قادراً على نقل المنجز وجماليته للجماهير إذا لم يتملكه الشعور الوطني العميق والبعد الاتصالي المحترف حتى تكون له قوة قادرة وحضور مميز للجهة التي يمثلها في ظل الزخم الإعلامي اليوم في كافة المنصات، إن صناعة التواصل الاحترافي للمؤسسات الحكومية مسألة يجب أن تخضع للعقل الجمعي، والتطوير المستمر، واستقطاب الكفاءات الوطنية المتميزة، والابتعاد عن الاجتهاد على مستوى إدارات الإعلام، والرفع من مستوى كفاءة الطرق الاتصالية والتعابير اللغوية، والأعمال التصميمية، والفيديوهات التي تنشرها الجهات، وكذلك تغريدات المسؤولين وظهورهم الإعلامي. إن العمل الاتصالي مسألة حساسة جداً، ولذلك لها علمها وممارساتها ولا تقبل الرأي العابر أو ردة الفعل أو الاندفاع المجرد دون فهم الجمهور. أهم ما نحتاج التركيز عليه في صناعة التواصل في ظل رؤية السعودية 2030 في المؤسسات الحكومية هو الابتعاد عن التقليدية في النشر واستدامة الأثر وجمالية الرسالة التعبيرية للمنجز، واحترافية المحتوى الإعلامي وتنوع المنصات واللغات بعيداً عن المبالغة في ما لا يستحق، وتجنب التكرار الممل حتى يقدر الناس المنجز النوعي من الاعتيادي.