-A +A
هيلة المشوح
هذه المرحلة حافلة بالأحداث الرياضية على المستوى العالمي وليس المحلي فحسب، فالمونديال العالمي الذي تستضيفه قطر لبطولة كأس العالم ليس حدثاً رياضياً عابراً، بل كرنفال عالمي جمع سكان الكرة الأرضية حول كرة لا يتجاوز محيطها ٨٠ سنتيمتراً وبطولات تنافسية من أقصى العالم إلى أدناه، ولا شك أن للحضور السعودي في هذا الحدث نصيباً لا يستهان به بدأه أشاوس منتخبنا بهز شباك الأرجنتين والفوز الساحق بلعب احترافي لافت وتدريب دقيق ومهارات كروية عالية.

الكرة السعودية ليست وليدة اليوم، أو الأمس، بل إن لنا تاريخاً كروياً مشرفاً تأهلت خلاله المملكة لبطولات عدة، ورفع أبناؤنا اسم المملكة عالياً في محافل رياضية مختلفة، ولكن الجديد هو التركيز الكبير على حضور المملكة الرياضي القوي وحرص القيادة على الإعداد المحترف لأبناء الوطن وتشجيعهم على الدخول في هذا المجال من أوسع أبوابه ومنطلقات بعيدة المدى لتأهيل المواهب السعودية لمرحلة واعدة تتسق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠، وتتواءم وبرنامج جودة الحياة الذي يركز تركيزاً كبيراً على الرياضة بشتى مجالاتها للذكور والإناث، مما يسهم في رفع إنجازات الكرة السعودية والرياضة بشكل عام وتأهلها لبطولات أكثر على المستوى العالمي.


الكرة ليست مجرد لعبة، بل ظاهرة وكرنفال عالمي يعبّر في جانب أعم وأشمل عن صيغة من صيغ التفاعل السياسي الإيجابي، وعدالة نسبية نادرة في الحياة العادية للبشر يتم من خلالها تقريب الشعوب وتخفيف حدة الخلاف بينها عبر ما يسمى بـ«دبلوماسية الرياضة»؛ فبطل العالم في الملاكمة الأمريكي المسلم محمد علي أسطورة عالمية مثّل أمريكا بكافة أعراقها وألوانها في بطولات العالم للملاكمة، كذلك اللاعب البرازيلي بيليه الذي رفع اسم البرازيل عالياً، ولاعبة الجمباز الرومانية ناديا كومانتشي، واللاعب الهنغاري فيرينتس بوشكاش، والعداء الجامايكي يوسين بولت، ولاعب الكريكيت عمران خان الذي ترأس دولة باكستان، وغيرهم ممن كانوا أسماء لامعة وقوى ناعمة لأوطانهم على مستوى العالم.

تشهد الكرة السعودية تطوراً اجتماعياً وعالمياً ترجمته من خلال حضورها وأدائها في كأس العالم ٢٠٢٢ في قطر ونجاحاتها اللافتة في ٣ مباريات بعيداً عن الفوز والخسارة؛ فأداء صقور السعودية كان مشرفاً وقوياً ويتحدث عنه القاصي والداني، وتخشاه الفرق الأقوى عالمياً وتعد لمواجهته الحسابات والخطط والتدريبات المضنية، فالحضور السعودي أمسى قوياً عربياً وعالمياً، فالانتصار الكروي السعودي في مونديال قطر وحّد قلوب العرب فصفقوا لفوزها وتعاطفوا لهزيمتها، واسم المملكة له تأثيره على المستوى السياحي بعد الخطوات التي قفزتها المملكة في هذا المجال خلال السنوات الست الماضية، ولكن النشاط الرياضي أصبح سمة لحضور المملكة والتعريف بها وشعبها وثقافاتها وتعدديتها وموروثاتها الشعبية، فالكرة ضمن قوتنا الناعمة التي أهّلتنا للعالمية، وأهّلت قلوب البشر وأنظارهم نحو المملكة.