-A +A
علي محمد الحازمي
تذكرني الحالة التي يعيشها الاتحاد الأوروبي، بعد الشروع في تأييده لأوكرانيا للانضمام لحلف الناتو، ودخوله في حرب مع روسيا بقصيدة نزار، «لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت». هذه الأزمة أظهرت حالة الوهن التي يعيشها الاتحاد الأوروبي، ابتداءً من ابتلاعه لطعم أمريكي لا ناقة ولا جمل لشعوبه به، دخولاً بأزمة طاقة لم تبقِ ولم تذر، ولوجاً إلى نفق للتضخم بلا ضوء في نهايته، إصرار على الاستمرار في السقوط الحر في وحل الديون السيادية.

هذه الأزمة الطاحنة دعت الدول الأوروبية إلى التوجه إلى أفريقيا بحثاً عن مصادر للطاقة «الغاز»، بعد أن وضع بوتين الأوروبيين بين خيارين لا ثالث لهما، إما شتاء قارس أو غاز مكلف. تم الإعلان هذا الأسبوع عن أولى شحنات الغاز من موزمبيق «المستعمرة البرتغالية سابقاً» إلى أوروبا، على أن تتبعها العديد من الشحنات من دول أفريقية أخرى مختلفة كأنغولا والكونغو ونيجيريا. توجّه الأوروبيون إلى أفريقيا ليس بدافع البحث عن مصادر أخرى للطاقة فقط، ولكن من إيمانهم أن أفريقيا ما زالت ملك يمين لهم، فلهم الحق بالتمتع بخيراتها وثرواتها متى ما شاؤوا وكيفما أرادوا؛ لذلك بإمكانهم الحصول على تلك الثروات إما مجاناً أو بثمن بخس.


ما سيحدث في أفريقيا على مستوى النفط والغاز، هو إعادة تقسيم لمناطق استغلال تلك الثروات بين الشركات الأوروبية وربما الأمريكية، باختصار هو عودة لاتفاق أشناكاري، ولكن على طريقة القرن الواحد والعشرين. الكل يعلم عندما خرج الأوروبيون كمستعمرين من أفريقيا خرجوا بأسلحتهم فقط، وكانت دباباتهم محملة بالآلاف من الاتفاقيات التي تجيز لهم حق الانتفاع بثرواتهم الطبيعية لمئات السنين القادمة. هذا الأمر ليس سراً في أوروبا، فعندما يحصل صراع أوروبي داخلي بين القادة يشرعون في إظهار هذه الحقائق، وهذا ما أكدت عليه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مؤخراً، مُتهمةً فرنسا باستغلال أفريقيا عبر فرض الرسوم وتشغيل الأطفال في المناجم واستخراج مادة اليورانيوم لمفاعلاتها النووية.