-A +A
منى العتيبي
تنفر النفس الإنسانية السليمة من التنمر والمتنمرين، وترفض كل أساليبه وأشكاله، وما نشاهده اليوم في عالم منصات التواصل الاجتماعي من مشاهد التنمر حتماً مرفوض بكل ما فيه، ولكن أرى أن الحالة أو الظاهرة تختلف عن حالات التنمر المشهودة خارج أسوار التواصل الاجتماعي؛ بمعنى المُتنمر عليه هو الدافع الأول لحدوث التنمر عليه.. حيث أصبح التنمر الطريق المختصر للشهرة، وقد أدرك ذلك أغلب من يبحث عن الشهرة والمال، وأصبح لديه وعي بأن التنمر باب الانتشار الواسع من خلال التعاطف الجماهيري معه.

وأمام هذا تشكل عند المُتنمر عليه حصانة من التأثر مقابل حصوله على الشهرة والهدايا والمال والدعم من الجماهير المتعاطفة معه حتى أصبحنا نرى المشاهد تتكرر وتتصدر الهاشتاقات بشكل دوري حالات من التنمر.


ولا يعني هذا الحديث أنه لا توجد مشكلة حقيقية عنوانها «التنمر في مواقع التواصل الاجتماعي» وتستدعي العلاج والحد منها وفرض القوانين والأنظمة تجاهها، خاصة أن سلوك التنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالتنمر الإلكتروني كما حدده المختصون، وقد ساهم في انتشاره الاستخدام الواسع لشبكة الإنترنت مع تزايد برامج التواصل الاجتماعي، وأصبح متاحاً لجميع الفئات العمرية من الأطفال والمراهقين؛ لذلك نحن اليوم بحاجةِ دراساتٍ وأنظمةٍ تبحث في أسباب وأشكال ودوافع هذا السلوك والحلول التي يمكن وضعها للحد من هذه الظاهرة والتحكم فيها، إذ يصعب التحكم مؤخراً في سلوك المتنمرين؛ لأن المتنمر يمارس سلوكه خفية من وراء شاشة جواله، وعليه وجب التوعية والتربية على الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي وتفعيل دور الأسرة والمدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والإعلامية وكل ما من شأنه أن يصنع قدوة سوية لأبنائنا وبناتنا.

أخيراً..

من الضروري أيضاً أن نكثف الوعي نحو المُتنمر عليه وألّا تأخذنا العاطفة مع كل ظاهرة تنمرية وكل «ترند» تصدر برامج التواصل الاجتماعي؛ لأن البعض يرى أن أقصر طريق إلى بوابة الشهرة والثراء أن يكون متنمراً عليه.