-A +A
نجيب عصام يماني
أيّ حروف بمقدورها أن تجسّد معاني الفرحة الغامرة التي عمّت الوطن وربوعه، بتماثل سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، للشفاء، ومغادرته مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، سليماً معافى، بعد عملية المنظار في القولون، وفترة النّقاهة التي قضاها في رحاب «التخصّصي».. لحظة تعجز فيها الكلمات عن الوصف، وتتضاءل دونها كلّ العبارات مهما بلغت من رصين الوصف، وباذخ الشّعور، وسديد الإشارة، فلا يبقى ثمّة في القلوب إلا شعور غامر بفرحة عصيّة على الوصف، تطير بأجنحة من نور وضّاء لتحلّق في أفق بلا سواحل.. فرحة متأبية على التقييد والإنظار، لا مثقال لها ولا معادل يفيها حقّ الوفاء، إن استطاع؛ إلا دمع يستمطر حمداً وشكراً في لحظة دعاء خالص من قلبٍ محبٍّ، وجنان صادق بالمودّة، وروح مفعمة بالولاء، بأن يديم الصّحة والعافية على خادم الحرمين الشريفين، ويذهب عنه كلّ بأس، ويحفظه من كلّ بلاء، فعافيته من عافية الوطن وسلامته من سلامة أبنائه الأوفياء، فالمجد عوفيَ بعافيته، والوطن أورق زهواً بذهاب سقمه واكتمال صحته، والأيّام أضاءت مساريج بهجتها سروراً بهذه اللّحظة التي انتظرناها طوال الأيّام السابقات بين الرّجاء والأمل وصادق الدّعاء، فالحمد لله الذي مَنَّ بالشفاء على خادم الحرمين الشريفين، أعزّه الله.

ولئن كانت الثقة في محبّة أبناء هذا الوطن لقائدهم الغالي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، راسخة رسوخاً لا يتبدّل مع الأيّام، ولا تخالطها شوائب التزلّف والتصنّع، وإنّما هي مخالطة لنبضات القلوب فرحاً، ومستقرة في الصدور صدقاً وحقّاً؛ فإنّ هذه الثقة في محبّة خادم الحرمين الشّريفين تراحبت وتمددت وتجسّدت في دعوات الجميع، ومظاهر القلق والسّؤال الدائم عن صحته، والترقّب العَشِم في اكتمال عافيته، وقد لمست ذلك عن قرب، وعايشته، الكل قلق، الحزن يكسو الوجوه، الشفاه تتمتم بخالص الدعاء والرجاء بما جسّد أجلى معاني الوفاء، وضرب أروع الأمثال وأنصعها لما يجب أن تكون عليه ماهية العلاقة بين القائد وشعبه، علاقة قائمة على البذل والعطاء بلا كلل أو ملل من قيادته الرشيدة، وحرصها اللا متناهي في سبيل ازدهار الوطن، ورفاهية مواطنيه، وذودها عن حماه بكلّ غالٍ ونفيس، وماضية بعزمها في سبيل ترسيخ مفاهيم الأمن والسلامة في ربوعه، في مقابل وفاء يكون كفاء هذه الصنائع البديعة، وولاء يماثل هذا العطاء الاستثنائي، وفداء للوطن بما يحفظ كيانه، ويوطّد أركانه، ويعلي من شأنه بين دول العالم كافة، في كلّ المحافل..


نعم؛ هو هكذا وطننا الغالي، وعلى هذا كان سيرة ومسيرة قيادتنا الرشيدة، فلنا في كلّ عهد زاهر مفاخر، نزهو بها ونفاخر، حافظين الجميل، ومع هذا التسليم بعطاء القيادة في كلّ عهد؛ إلا أنّنا نرى في عهد سلمان الحزم والعزم، وولي عهده الأمين «محمّد الخير» عطاء استثنائياً، وصنيعاً غيّر بوصلة المملكة باتجاه يزاحم دول العالم في مراقيها السّنيات، منظوراً ذلك في رؤية المملكة 2030، التي تفجرت وعداً أخضر في هذا العهد المورق عطاء، والباهر إنجازاً، فلا غرو إذن أن يكون تعلّق جميع أبناء هذا الوطن بقيادتهم تعلّق محبة خالصة، وولاء غير مشوب بنقيصة تزري بالكرام، وإنّما هي واجبة الأداء حين يستشعر الجميع النقلة النّوعية الكبيرة التي انتظمت بلادنا منذ أن ولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمّد من سلمان، حفظهما الله ورعاهما، مقاليد الحكم في هذه البلاد الطيبة المباركة، وهي نقلة وضعت المملكة العربية السعودية حيث يجب أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، وما كان لهذا أن يكون حقيقة ماثلة، وليس ضرباً من خلّب الأماني، لولا روح العزم في قيادته، وبعد نظرها، ومضاء عزيمتها، بما فجّر الإمكانيات، وأعاد ترتيب مجتمعنا على إيقاع البذل والعطاء واستشعار المسؤولية، فلا هدف إلا القمّة مهما بدت بعيدة وعصية المنال، بيقين راسخ أنّ العزائم حين تشحذ، والطاقات حين تفجّر فهي قادرة على إنجاز كلّ الممكن المتاح، وبعض المستحيل..

هي هكذا روح قيادتنا الراشدة وعياً، والباصرة رؤية، والناهضة عزماً ومضاء، أفلا يكون الوفاء بعض ما تستحقّه في ميزان الشّكر والامتنان.. أوَ ليس الولاء الصادق قميناً بكلّ أبناء الوطن أن يبذلوه سخياً كفاء هذا الصنيع الذي أدهش العالم بأسره.. أليس في هذا التّطواف العابر لمحاً ما يومئ بطرف الإشارة إلى خشية هذا الشّعب الوفي أن يصيب قيادته أي عارض أو مكروه، فمن هذا المقام كانت دعواتهم تتصاعد إلى عنان السماء ابتهالاً ورجاءً أن يشفي الله خادم الحرمين، فلله الحمد في إجابة الدّعاء، وله الحمد بعد الحمد على ما منّ به.. وحمداً لله على السلامة يا ملك القلوب.