-A +A
علي محمد الحازمي
المؤشرات العالمية تنذر بوضع اقتصادي قاتم، إلى هذه اللحظة تحاول دول العالم إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن، ولكن نخشى أن تنفد جميع الحلول والوقت قبل التوصل لمصدات قادرة على الأقل على التخفيف من أي أزمة قادمة. في الخمسة عشر عاماً الماضية فقط ابتدأ من العام 2008 إلى العام الحالي 2022 عاش العالم ثلاث أزمات مختلفة وكأنها مثل الفيروس الذي يتشكّل من وقت لآخر حتى يكون أكثر مقاومة للمضادات.

الجميل في الأزمات السابقة أن الدول تتعلم الدروس وتضع اللوائح والقوانين والأنظمة التي من شأنها أن تحدّ منها مستقبلاً، فمثلاً في الأزمة المالية العالمية في العام 2008 التي يطلق عليها فقاعة الإسكان وسوق الائتمان الأمريكية التي ربما تحدث مرة واحدة في كل قرن، نجد أنه قد تم تعلّم الدروس من هذه الأزمة السيئة، وفي ضوئها تم تحسين لوائح البنوك الأمريكية على وجه الخصوص وبعض البنوك العالمية على وجه العموم واضطرت البنوك إلى تحسين رأس مالها. وهذا يجعل تكرار الفوضى في الأسواق المالية العالمية التي أعقبت إفلاس ليمان في سبتمبر 2008 أمراً مستبعداً للغاية. الأزمة الأخرى التي لم تخطر ببال أيٍّ من الدول العالمية هي الأزمة الصحية «جائحة كورونا» التي فرضت لأول مرة في التاريخ حجراً صحياً على الأصحاء، حيث تم التعامل معها من خلال دعم الأنظمة الصحية وتبني سياسات مالية ونقدية توسعية. في خضم المعارك العالمية للتعافي من جائحة كورونا خرجت لنا الأزمة الثالثة وهي الحرب الروسية الأوكرانية لتقضي على آمال التعافي العالمي وتنذر بأزمة عالمية قادمة مختلفة كلياً عن الأزمات السابقة.


نوضح بعض الحقائق التي تقول إننا نسير بطريق أزمة عالمية قادمة بطلها الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى زعزعة أسواق السلع والطاقة. لدينا الآن نقاط ضعف لا تبشّر بالخير، تتمثل في تضخم يضرب القارة الأمريكية والعواصم الأوروبية والعديد من الدول العالمية بشدة ويعد الآن في أعلى مستوياته منذ عقود عدة، وفي نفس الوقت هناك ظروف مهيأة ربما تقود لحصول فقاعات في أسواق الأسهم والإسكان وأسواق الائتمان العالمية نتيجة لرد الفعل المفرط للبنوك المركزية الرئيسية العالمية على الركود الناجم عن COVID- 19 في أوائل عام 2020، حيث لم يكتفوا بإبقاء أسعار الفائدة منخفضة فقط بل أغرقوا الأسواق بالسيولة بخطى سريعة غير مسبوقة في شراء السندات. من المؤكد أن النظام المصرفي العالمي قد يكون أكثر استعداداً مما كان عليه في عام 2008 للتعامل مع الانخفاضات الحادة في أسعار الأصول وسوق الائتمان، ولكن قد لا يقال الشيء نفسه عن الجزء غير المصرفي إلى حد كبير وغير المنظم وذي الاستدانة العالية من النظام المالي، والذي يمكن أن يؤدي إلى نوع من المشاكل في سوق رأس المال متوسط وطويل الأجل. علاوة على ذلك أزمة غذاء عالمية من غير المؤكد تجاوزها. حتى الصين التي كانت دائماً تلعب دور قاطرة النمو الاقتصادي العالمي، كما فعلت خلال الأزمة المالية 2008 في تخفيف وطأة الركود الاقتصادي المتزامن في بقية العالم، من غير المحتمل للغاية أن تتمكن هذه المرة من القيام بهذا الدور بسبب الإغلاقات التي تعيشها اليوم وتعطل سلاسل الإمدادات.