-A +A
محمد الساعد
التسريبات القادمة من واشنطن تقول إن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس بايدن ستقوم بإخراج الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب والاعتراف به كتنظيم سلمي يخدم الإنسانية حسب المفهوم الأمريكي بالقتل والترويع.

من المفهوم أن حكومة بايدن تريد التكفير عن مقتل قاسم سليماني، وهو القرار الكبير والمهم الذي اتخذه بكل شجاعة الرئيس السابق دونالد ترمب، وهي رسالة لإيران وقيادتها تقول: إن حكومة الديموقراطيين وعلى رأسها العراب باراك أوباما، لم تكن راضية عن ما فعله ترمب، وهي تقدم اعتذارها عن تصفية الإرهابي سليماني.


الحرس الثوري سيصبح عما قريب تنظيماً يُستقبل رؤساؤه في واشنطن من قيادات الأجهزة الأمنية الأمريكية ولربما يتم التنسيق معه لخدمة أجندات الدولة العميقة كما كانت تُستخدم داعش.

دعونا نتذكر ونذكر الأمريكان بعدد من جرائم الحرس الثوري الإيراني الإرهابي وتغوله في دمائهم، فضلاً عن دماء بريئة أخرى.

أولاً: في العام 1979 أسس طلاب إيرانيون ثوريون تجمّعهم الخاص الذي تحول مع مرور الزمن لتنظيم عسكري متطرف تحت اسم الحرس الثوري الإيراني مهمته الحرب بدلاً من النظام، وحراسة ما يسمى بالثورة.

التنظيم احتل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية واحتجز المئات من الدبلوماسيين الذين صدف تواجدهم في إيران وقت الثورة، استمر الاحتجاز مئات الأيام، أدى إلى سرقة مئات الآلاف من الوثائق السرية الأمريكية، كما تحول لأكبر إهانة لواشنطن، حاول الأمريكان وبطريقة هوليودية إنقاذ ماء وجههم وتحرير رهائنهم، ففي أبريل 1980، نفذت الولايات المتحدة عملية إنزال كبرى أطلقت عليها اسم «مخلب النسر»، واشنطن أرسلت طائرات مروحية وطائرات نقل عسكرية ووحدة خاصة إلى صحراء «طبس» الواقعة شرق إيران، إلا أن الأمور لم تسر كما ينبغي منذ البداية، واكتملت مصاعب الأمريكيين بعاصفة رملية دفعتهم إلى محاولة التراجع، وحينها اصطدمت طائرة مروحية بطائرة شحن عسكرية، ما أدى إلى اشتعال النار فيهما ومقتل 8 عسكريين أمريكيين.

ثانياً: لم يمضِ سوى سنتين على تلك الواقعة وإذا بالحرس الثوري الإيراني ينفذ عملية «خصي» عسكرية مباشرة ضد الجيش الأمريكي وقوات النخبة في المارينز الذين لطالما افتخر بهم الأمريكان، ففي 23 أكتوبر 1983 ضربت شاحنتان مفخختان مباني في بيروت كانتا تؤويان جنوداً أمريكيين وفرنسيين من القوة المتعددة الجنسيات في لبنان (MNF)، كانت تشارك لحفظ السلام خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أسفر الهجوم عن مقتل 307 أفراد، منهم 241 أمريكياً و58 عسكرياً فرنسياً ومدنيين أبرياء، فضلاً عن مئات الجرحى والدمار الهائل الذي لحق بالمنطقة المستهدفة، كل الدلائل كانت تشير إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في العملية.

ثالثاً: في 1988 اصطدمت الفرقاطة الأمريكية «يو إس إس صامويل» بلغم إيراني في المياه الدولية، ما أدى إلى إصابتها بأضرار خطيرة، لكن أمريكا ريغان لم تقبل تلك الإهانة وردت بعملية عسكرية أطلقت عليها اسم «فرس النبي» دمرت جزءاً من الأسطول البحري الإيراني.

رابعاً: في العام 1996 أسفر هجوم قام به إرهابيون يرتبطون بإيران والحرس الثوري وذراعهم في لبنان «حزب الله» -على مجمع سكني في الخبر شرق السعودية- عن مقتل وإصابة المئات من الخبراء الأمريكيين وأبرياء آخرين، أسفرت التحقيقات السعودية عن إدانة مباشرة لطهران، وسلم ملف متكامل للسلطات الأمريكية في حينه، إلا أنها فضلت التغافل عن الجريمة الإيرانية.

خامساً: في الفترة من 1990، وحتى اليوم، تحولت إيران إلى حاضن لتنظيمي القاعدة وداعش المتطرفين، لقد هيأ الإيرانيون بلدهم ليكون ملاذاً آمناً لقيادات وأفراد القاعدة وممراً سهلاً ينتقل من خلاله المجندون من وإلى أفغانستان، أسفرت العلاقة إلى سلسلة من الجرائم التي ارتكبها تنظيم القاعدة نيابة عن إيران الداعم والحاضن، وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر على رأس تلك الجرائم والتي ارتكبها أسامة بن لادن والظواهري وكلهم حظيوا بدعم إيران.

سادساً: في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق العام 2003، تولت إيران تغذية عمليات القتل والتفجيرات المروعة التي طالت الجيش الأمريكي، عبر أيدي وخلايا مختلفة كان المحرك لها الحرس الثوري الإيراني، لقد قتل آلاف الجنود الأمريكيين، وخسرت واشنطن مليارات الدولارات، لم تكن طهران تهدف لتحرير العراق بل كان صراعاً بين محتلين على أرض دجلة والفرات.

سابعاً: استمرت الإهانات الإيرانية للسياسة الأمريكية دون خشية من عقاب، ففي 2016، احتجزت البحرية الإيرانية زورقين حربيين أمريكيين على متنهما 10 بحارة، وتم خلالها إهانتهم ومعاملتهم بطريقة خشنة، لم ترد واشنطن، بل اكتفت بالالتفات لقضايا عربية أخرى.

ثامناً: دبر الحرس الثوري محاولة اغتيال السفيرة الأمريكية في جنوب أفريقيا «لانا ماركس» التي لم تكن الوحيدة، فقد سبقها محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن -وزير الدولة للشؤون الخارجية لاحقاً- عادل الجبير، والتي كشفت في حينها.

يجب أن لا يفاجأ أحد إذا قدمت واشنطن باسم رئيسها بايدن واسم الأمة الأمريكية رسائل اعتذار إلى الإرهابي أسامة بن لادن، والمجرم أبو بكر البغدادي، ولا يجب أن ندهش إذا رأينا حسين سلامي قائد الحرس الثوري وأيمن الظواهري زعيم القاعدة يُستقبَلون في البيت الأبيض رفقة حسن نصر الله وعبد الملك الحوثي استقبال الزعماء والحلفاء، فهذا ما أنتجه اليسار المتطرف في أمريكا.