-A +A
مسفر آل رشيد
حرصت السعودية منذ اليوم الأول لانطلاق عاصفة الحزم في ٢٦ مارس 2015م على دعم الخيار السياسي لتسوية الأزمة اليمنية، باعتبارها الأقل كلفة والسبيل الوحيد لإنهاء الصراع المحتدم بين الأطراف اليمنية دون إغفال حقيقة أن الطرف المفتعل للفوضى وإشعال فتيل العنف في اليمن المتمثل في جماعة الحوثي يفتقد للإرادة الذاتية ولا يزيد على كونه مجرد أداة في يد إيران تكرّسه لزعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة بأكملها، وهو ما تسبب في تعقيد المسار السياسي وإعاقته، ولاتزال كافة الجهود والمساعي الهادفة إلى تحريك المياه الراكدة في هذا المسار ودفع العملية السياسية المتعثرة في الجمهورية اليمنية.

التوجهات السعودية المسؤولة تجاه الأوضاع في اليمن المتمثلة بالانحياز المطلق لخيار إحلال السلام في هذا البلد المنكوب عبّر عنها سمو الأمير محمد بن سلمان بتأكيده المتكرر أن المملكة ستواصل دعم الخيار السياسي ودعوته الدائمة لكافة الأطراف اليمنية للانخراط في عملية سياسية بنّاءة تفضي إلى مشاركة كافة القوى اليمنية في السلطة وصناعة القرار السياسي في الجمهورية اليمنية وبما يسهم في استعادة البلاد للأمن والاستقرار المنشود ووقف الحرب، ولم تتردد دول مجلس التعاون في دعوة المكونات اليمنية لوقف الحرب في اليمن وتهيئة البلاد لبدء مرحلة انتقالية تشارك فيها كافة الأطراف اليمنية وهي ما قوبلت بتعنت جماعة الحوثي تنفيذاً لتوجيهات أسيادهم إيران واتجاه المليشيا صوب المزيد من التصعيد العسكري والعمليات الإرهابية والعدوانية ضد المملكة.


إن مواصلة جماعة الحوثي التمترس خلف مواقفها المتشددة ورفضها المستمر لخيار السلام والتهدئة والتي لا تعبر عن إرادة ذاتية بقدر ما هي تنفيذ لتوجيهات الحرس الثوري الإيراني تسبب ولايزال في إطالة أمد الحرب في اليمن التي كان يمكن للتحالف العربي حسمها خلال الأشهر الأولى من انطلاق عاصفة الحزم لولا لجوء المليشيا الإيرانية إلى استخدام المناطق المأهولة بالسكان ومنازل المدنيين والمرافق العامة كتحصينات ودروع بشرية ومنصات لشن هجماتها العدوانية ضد قوات الشرعية والمواقع والأعيان المدنية في المملكة ومؤخراً الإمارات العربية المتحدة مرتكنة إلى حرص قوات التحالف على الالتزام بقواعد الاشتباك وسلامة المدنيين.

بات التعويل على حل سياسي للأزمة اليمنية في ظل تمادي مليشيا الحوثي في التصعيد العسكري واستمرارها في تنفيذ أجندة إيران التخريبية في اليمن خياراً تحيطه تعقيدات شائكة، وقد أصبحت جميع الأطراف الدولية الفاعلة في المشهد اليمني على قناعة تامة بذلك، الأمر الذي يدفع بخيار الحسم العسكري وتقليم أظافر إيران في اليمن مجدداً إلى الواجهة، باعتباره السبيل الوحيد المناسب لإجبار الحوثيين على التخلي عن تبعيتهم المقيتة لإيران والقبول بالانخراط في عملية سياسية كأحد المكونات اليمنية ودون أي اشتراطات مسبقة.

إن إحلال السلام في اليمن واستعادة استقرار هذا البلد الشقيق الذي يمثل عمقاً إستراتيجياً لدول مجلس التعاون يتصدر أولويات القيادة السعودية التي تدرك جيداً أن أمن واستقرار اليمن جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة ودول المنطقة، وإن إحباط المخطط الإيراني في اليمن سيتم عبر دعم خيارات الشعب اليمني الشقيق في التخلص من هيمنة المليشيا الانقلابية واستعادة مؤسسات دولته المختطفة.