-A +A
عقل العقل
في ظل الحرب الروسية ضد أوكرانيا والتي تعيش فيه دول كثيرة مآزق في مسألة تحديد مواقفها من حيث الاصطفاف أو المساندة والشجب لهذا الطرف أو ذاك لأسباب عدة، مثلاً نجد الصين والتي تتخوف من التغول الغربي في حال إضعاف روسيا وإدخالها في مستنقع ينهكها اقتصادياً وعسكرياً وقد يصل الوضع في روسيا إلى تغير نظام الحكم والدفع الأوليغارشية الروسية للاندماج بالسوق الرأسمالي الحر والذي سوف ترحب فيه، الصين تختلف عن روسيا بوتين التي يعيش فيها بوتين أوهام إحياء روسيا القيصرية وبقايا الحقبة السوفيتية، الصين دولة يحكمها حزب شيوعي مسيطر أيديولوجياً على شعبه بالداخل بعيداً عن أخلاقيات السوق، بالخارج الصين تهيمن وتسيطر بقوتها الاقتصادية التي تقودها الدولة وليس شركات رأسمالية ربحية كما الحال في الشركات الغربية الأمريكية ومثيلاتها الأوروبية، شعوب عالمنا الثالث في هذا الصراع الروسي - الأوكراني مع المحور الروسي وإلى حد بعيد مع التنين الصيني ليس عشقاً في هذه الأنظمة الشمولية والمتأخرة في مجال التقنية والانفتاح الاقتصادي والسياسي والثقافي، نظرة على المجتمعات العربية فهي تعشق وتتوق لكل ما هو غربي أوروبي من حاجات استهلاكية وشراء المنازل وقضاء الإجازات والدراسة وحلم الهجرة للدول الغربية، ماذا يعشق العرب في روسيا ما بعد المرحلة الشيوعية فقط تعشقها بعض الأنظمة العربية كما هو الحال بالزواج الكاثوليكي بين النظام السوري وروسيا، التي لولا القوة الروسية الجبارة لانتهى نظام بشار منذ سنوات، على الجانب الشرقي من الخليج نجد إيران ونظامها التخريبي والإرهابي في المنطقة من الدول الحليفة للنظام الروسي والصيني منذ سنوات وقد تكون الأسباب مصلحية وتحالفية ضد العدو الأمريكي.

العرب كشعوب وكنخب ثقافية وسياسية تنظر وتميل وتدافع عن العدوان الروسي ضد أوكرانيا ولن أقول إن نظام كييف بريء ومسالم وقد يكون ارتكب أخطاء قاتلة في تعامله مع النظام الروسي والذي كان جزءاً منه في حقب تاريخية ودينية وثقافية طويلة، وقد يكون الغرب استخدم النظام الأوكراني منذ استقلال أوكرانيا كرأس حربة في تهديد الدب الروسي وخاصة بعد أحداث 2014 في تلك الدولة، الشعوب العربية المغرقة في ثقافة المؤامرة تعتقد أن الغرب يستخدم أوكرانيا في توريط روسيا ومن بعدها الصين ولكن الرئيس بوتين قطع الطريق عليهم ولا يمكن مقارنة نظامه بنظام صدام حسين الذي تم استدراجه ومن ثم تم تدميره وإعادته للقرون الوسطى وتسليم العراق وبكل أريحية للنظام الإيراني رغم ما يدعي النظام الأمريكي وحلفاؤه ونظام الملالي من عداء مزيف ولكن الحقيقة أن نظام إيران يعيث فساداً بأسلحته وأيديولوجيته المتخلفة في المنطقة العربية.


الشعوب العربية في ثوراتها وربيعها وخريفها تقف ضد الأنظمة الاستبدادية كما تعتقد وتقف في هذا الصراع الكوني مع أنظمة لا تقبل أن تعيش تحت حكمها، قد يكون الموقف المعادي للغرب في صراعه مع الروسي والصيني هو بسبب الدعم المتناهي للدولة الإسرائيلية في قلب العالم العربي منذ أكثر من 70 عاماً على أشلاء شعب عربي فلسطيني، هذه السياسات الغربية ضد العرب في قضية فلسطين قد تكون هي الدافع الأول والمنطقي في الاصطفاف الشعبي العربي مع الغزو الروسي لأوكرانيا بغض النظر عن قضية المبادئ والأخلاق، وهل تتكرر نكسة العرب ومراهنتهم ووقوفهم إلى جانب النازية لظنهم أنها سوف تنتصر لهم رغم نظرتها العنصرية العرقية لشعوب العالم ومن ضمنهم العرب.