-A +A
عقل العقل
تتصاعد أزمة أوكرانيا بين الغرب وروسيا حتى أن بعض المراقبين يرون أنها قد تصل لعمل عسكري واجتياح القوات الروسية لبعض أجزاء أوكرانيا كما حدث قبل سنوات عندما احتلت القوات الروسية جزيرة القرم بداعي أنها أراضٍ روسية، الغرب وحتى الآن يلوح بالعقوبات الاقتصادية والمقاطعة السياسية ودخول حرب باردة مع روسيا، حتى أن الرئيس بايدن قبل أيام قال في تصريح لافت إنه لن يرسل قوات عسكرية أمريكية في حال اعتدت روسيا على أوكرانيا، مثل هذا التصريح خطير إلا إذا كان فيه خداع للدب الروسي وتشجيعه على التوغل ومن ثم التورط في عمل عسكري في أوكرانيا، الخطورة أن مثل هذا العمل قد يشعل حرباً أهلية في أوكرانيا تكون روسيا طرفاً مباشراً فيها وهذا قد يستغل من قبل الغرب وخاصة الأوروبي لإنهاك موسكو في هذا الملف، هل ينخدع الروس بمثل هذه التصريحات الامريكية؟ أو أن أمريكا بالفعل تعاني على المسرح الدولي؟ فالانسحاب غير المدروس من أفغانستان والذي اعطى صورة سلبية لأمريكا على المسرح الدولي ليس لأعدائها مثل روسيا والصين وايران بل لحلفائها بالعالم، فواشنطن مثلا نجدها مترددة في التعاطي مع الملف النووي الإيراني، بل إنها تعمل على سحب قواتها وجنودها من المنطقة والذي يعطي لطهران مثلا أن واشنطن غير جادة في ما تقوله وتردده بتوجيه ضربات عسكرية نوعية لمنشآت ايران النووية، بل إنني أعتقد أنها تقف ضد أي توجه من قبل تل أبيب للقيام بمثل هذا العمل العسكري، صدام حسين والقيادة العراقية فهموا من لقائهم مع السفيرة الأمريكية ابريل غلاسبي عندما قالت في اجتماعها معهم إنه لا يوجد رأي محدد لبلادها عن المشاكل الحدودية بين العراق والكويت، مما أعطى انطباعا للقيادة العراقية بأنه ضوء أخضر من واشنطن لغزو الكويت من قبل قوات النظام العراقي، تصريح بايدن هل هو مماثل لما قالته غلاسبي لصدام وطارق عزيز.

كلنا يعرف أن أدوات الغرب العسكرية والاقتصادية والسياسية متنوعة وليست تقودها واشنطن بالضرورة، فهناك حلف شمال الأطلسي ولكن مشكلته في التعاطي مع بعض الأزمات أن فيه اختلافات قوية بين بعض أعضائه، هناك الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وهذه كلها أدوات جبارة في التصدي للمطامع الروسية في أوكرانيا، على الجانب الروسي هناك حملة وطنية وحسرة على تفكك الاتحاد السوفيتي، وأوكرانيا كانت إحدى الجمهوريات الروسية، فهي ينظر إليها أنها جزء وبوابة استراتيجية لروسيا في علاقاتها مع الغرب، في ظل هذا بُث في روسيا فلم وثائقي عن تاريخ روسيا الحديث وكان محوره الرئيس فلاديمير بوتين الذي تحدث فيه عن ذكرياته الشخصية الأليمة وما حل به عندما انهار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي، والجميع يعرف أن بوتين كان ضابط استخبارات في الـ(كي جي بي) السوفيتية، يتذكر الرئيس بوتين أنه اضطر أن يعمل كسائق أجرة على سيارته الخاصة لتردي الأوضاع الاقتصادية في بلاده في تلك الظروف وغيره فعل الكثير من الروس، مثل هذه الأوضاع تذكرنا بما فعله بول بريمر بالعراق عندما تم حل الجيش العراقي وسرح ضباطه وقادته بدون حقوق تقاعديه فانقلب أغلبهم ضد القوات الأمريكية المحتلة.