-A +A
بشرى فيصل السباعي
صرحت مؤخراً المغنية الأمريكية الشقراء بيلي إيليش -19 عاماً- التي تعتبر من أكثر الحاصلين على الجوائز الموسيقية أنها خسرت خلال لحظات 100 ألف متابع على صفحتها الرسمية على الإنستغرام، وذلك بعيد نشرها صورة لها تكشف عن جزء من صدرها معللة فقدها لهذا العدد الكبير من المتابعين خلال لحظات من نشرها للصورة بأن الناس ينفرون من صور الجسد وأن تصرف المتابعين هذا أشعرها بالمهانة لدرجة أنها همت بحذف كل حساباتها من مواقع التواصل، فالجمهور تعود عليها أن تظهر حتى في الحفلات مرتدية ملابس واسعة تغطي كامل جسدها، وتصريحها هذا كان مفاجأة كبرى بخاصة لصغيرات السن اللاتي يحاولن دائماً سواء على حساباتهن بمواقع التواصل أو بالواقع تقليد الشهيرات في ارتداء ملابس كاشفة بشكل مبالغ فيه مع صور تتضمن إيحاءات غير بريئة بشكل حتى لا يتناسب مع مرحلتهن العمرية الطفولية، وذلك باعتبارها «كما يشاع» الوسيلة الوحيدة التي يمكن للإناث فيها الحصول على المزيد من الجمهور والمتابعين على مواقع التواصل، لكن تصريح إحدى أشهر وأجمل مغنيات الجيل الشاب بأن التجربة الشخصية أثبتت لها أن هذا اعتقاد خاطئ أحدث انتباهة وعي لدى هؤلاء الفتيات، وأنه ربما ليس صحيحاً ما يروجه إعلام «ما يطلبه المشاهدون» الذي يزعم أن المشاهدين والمتابعين يريدون المزيد من التعري والإباحية، والحقيقة الواقعية هي العكس تماما، وأكثر الأفلام حصولا على عدد من جوائز الأوسكار مثل سلسلة أفلام «سيد الخواتم» وأكثر الأفلام مشاهدة بالتاريخ وجميعها أمريكية ليس فيها لقطة واحدة جنسية ولا لقطة تعري واحدة والسبب؛ أن تلك المشاهد تقلل عدد المشاهدين؛ لذا فالمخرجون والمنتجون يتجنبونها في الإنتاجات الكبيرة لتوسيع قاعدة مشاهديهم، وهذه حقيقة هامة خاصة لمن لديهم نمط التقليد الأعمى وعدم الوعي بمفهوم «الابتذال» الذي يسيء فيه الإنسان لنفسه ومهنته وعمله وموهبته وينفر الجمهور والمتابعين عنه بعكس مراده في جذب المزيد من الجمهور أو المتابعين إليه والسبب في ذلك؛ أنه حتى بالنسبة لمن ليس لديه موانع أخلاقية دينية ضد التعري والإباحية فهناك قناعة عامة عالمية بأن من يلجأ لجذب الانتباه إليه عبر مخاطبة النزعة الغرائزية البدائية اللا واعية لدى الجمهور بالاستعراض بالجسد هو شخص مفلس معنوياً ولو كان لديه ما يفخر به ويقدمه من عمل وإنجاز وموهبة حقيقية وشخصية محببة وخبرات وآراء مميزة لما احتاج لابتذال نفسه ومحاولة جذب الانتباه والأضواء إليه بالتعري والإباحية، وطالما هو مفلس معنوياً فتلقائياً يتولد لديهم شعور بالاحتقار والدونية تجاهه تجعلهم يفقدون الإعجاب به، والإعجاب نوع من التبجيل الذي يتطلب أن لا يسقط الإنسان من أعين الآخرين، وأما القلة التي تجذبها الصور المبتذلة ويتابعون الحسابات التي تعرضها فانجذابهم هذا ليس حبّاً لهذه الشخصية، إنما حبٌّ لشهوتهم المبتذلة فيها لا أكثر، وهي عادة نوعية متدنية فكرياً ونفسياً وأخلاقياً وثقافياً واجتماعياً من المتابعين أو الجمهور؛ ولذا تكون مزعجة ومسيئة ولا يسر أحد أن يكثر متابعيه أو معجبيه من مثل هذه الفئة؛ لأنهم يسيئون إليه بتعليقاتهم الفاحشة القاسية وسيئة الأدب التي تصل لدرجة التحرش في مدى وقاحتها، حتى أن المشاهير ومن يديرون حساباتهم يضطرون عادة بالنهاية لحظر مثل هؤلاء المتابعين، ودائماً وأبداً أي شيء يكون مختلفاً عن الرائج يصبح ملفتاً اكثر من المشابه للرائج، ولهذا بيلي إيليش منذ صعود نجمها تبنت تمييز نفسها عن النمط الرائج للتعري والإباحية في صناعة الترفيه بارتداء الملابس المغطية لكامل الجسد والواسعة وهذا كان أول ما لفت الأنظار إليها، ولو كانت قلدت موضة التعري الرائجة لما كان هناك ما هو ملفت في مظهرها سواء بالنسبة للإعلام والصحافة أو بالنسبة للجمهور والمتابعين.