-A +A
علي محمد الحازمي
لا أحد يختلف اليوم أن الحكومات تلعب دوراً مختلفاً عن ذي قبل. بدءًا من النظرية الكلاسيكية التي تؤمن بالتدخل الحكومي المحدود لآدم سميث، إضافة لأدوات كينز لمكافحة الأزمات الاقتصادية من خلال التدخل الجوهري للحكومات، علاوة على ذلك التغيرات في نظرية بوكانان في الاختيار العام لدور الحكومة المعقول للتدخل.

في الوقت الحاضر، أصبحت الحكومات أكثر حرصًا على استخدام الموارد المالية في محاولة لتحقيق الكفاءة والفعالية من أجل الوصول إلى تنمية اقتصادية ومالية مستدامة. الكثير من الحكومات تولي المزيد من الاهتمام بجانب قياس وتقييم أداء القطاع العام، وذلك بسبب التطورات الكبيرة التي حدثت خلال العقود الأخيرة. ربما أظهرت الأزمة المالية بين عامي 2008-2009، وأزمة الديون والانخفاض الهائل في الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول، أن الحكومات قبل هذا التاريخ لم تكن تعمل بشكل فعًال.


البيان التمهيدي الأخير لوزارة المالية بخصوص ميزانية العام 2021 والعام 2022 كان مُبشراً، والأرقام دلت على أن المملكة تسير في الطريق الصحيح من حيث الوصول في أقصر وقت ممكن للاستدامة المالية، حيث كان هذا الأمر ملاحظاً من خلال تسجيل عجر أقل بـ40% مما كان متوقعاً في العام 2021، قبل البدء في دخول منطقة الفوائض مع العام 2023.

يمكننا أيضاً أن نعرف أنه بجانب ارتفاع الإيرادات النفطية وغير النفطية التي يعزو لها ذلك التحسن الاقتصادي، إلا أنه ينبغي علينا الإشارة إلى برنامج مهم ساهم، بشكل فعال، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في تحقيق تلك الأرقام الإيجابية، ويتمثل هذا البرنامج فيما نسميه (كفاءة الإنفاق)، حيث استمرار التركيز على ضبط الإنفاق لتحقيق الاستقرار المالي.

لقد استطاع برنامج كفاءة الإنفاق تحقيق (وفورات) في التكاليف تجاوزت 500 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية، وهو رقم أكثر بكثير من المتوقع، حيث كانت تطمح المملكة لتحقيق (وفورات) من خلال ترشيد الإنفاق تصل إلى 200 مليار ريال بحلول العام 2023، إلا أن تلك المستهدفات تم تجاوزها هذا العام بأكثر من الضعف، في تأكيد واضح على أن عصر الهدر المالي قد غرب وأفل دون شروق جديد!