-A +A
سلطان الزايدي
في كثير من المنافسات الكروية الكبيرة التي لا تقبل القسمة على اثنين، والفوز فيها مطلبٌ رئيسٌ لأي فريق، وبدافع الحب والتضحية تجد لاعبين مصابين يسعون للعب هذه المباراة لأهمية تواجدهم، والمواقف في هذا الصدد كثيرةٌ جدّاً، وقد لا يخلو موسمٌ رياضيٌّ في كثيرٍ من الدوريات من هذه التضحيات من بعض اللاعبين، سواء أثناء المباراة أو قبل المباراة، فمثلاً تجد لاعباً تعرض لإصابة قوية أثناء المباراة، لكنه يرفض الخروج بدافع الحب والتضحية لهذا الفريق، وهذا موقفٌ نبيلٌ يشكر عليه، لكن في النهاية الإصابة تبقى مؤلمة والتحامل عليها يعرض اللاعب لتفاقمها، وقد تكون سبباً في ابتعاده عن الملاعب فترةً زمنيةً طويلة، فكلّ مسؤولٍ في النادي يفرح حين يجد نجوماً يملكون كل هذا الحب، ولديهم دافع التضحية والرغبة الكبيرة لتقديم كل شيء للفريق مهما كانت الأضرار، لكن تبقى مسؤوليتهم الحقيقية أن يمنعوا مجازفةً كهذه.

إن ما دفعني لكتابة هذه المقدمة هي الأخبار الواردة من البيت النصراوي عن النجم الواعد «عبد الإله العمري» الذي يرفض الاستجابة لأمر الطبيب، ويريد أن يشارك في مباراة «تراكتور الإيراني» في البطولة الآسيوية؛ لأن النصر يعاني كثيراً في خط الدفاع قبل هذه المباراة بسبب الإيقافات والإصابات، فقد تجد مسؤولاً كان مدرباً أو إدارياً أو حتى رئيساً للنادي مرحّباً بهذا الأمر؛ حتى ينقذ الفريق من النقص ويقبل بمشاركة لاعبٍ مصاب، وهذه المجازفة تعد كارثةً إنسانيةً قبل أي شيءٍ آخر، فمن المفترض حينما توجد حالاتٌ بهذا الشكل، ويشارك في المباراة لاعبٌ مصابٌ، أن يفتح فيها تحقيق من الجهات المسؤولة، خاصةً لو كان هذا اللاعب ضمن العناصر الرئيسة في المنتخب الوطني.


والشيء بالشيء يذكر، فقد تحدث النجم المغربي «عبد الرزاق حمد الله» في لقاءٍ صحفيٍّ اعترف فيه أنه كان يشارك في بعض المباريات في الموسم الماضي مع النصر تحت تأثير الإبر المسكنة حبّاً في النصر، وهذا تصرفٌ غير مقبولٍ لا من اللاعب ولا من طبيب النادي، فاليوم في زمن الاحتراف يفترض أن يملك كل فريق كرة قدمٍ محترفٍ البدلاء الجاهزين لتعويض أي نقصٍ يحدث للفريق أثناء الموسم، والابتعاد عن المجازفة بالنجوم من أجل كسب مباراة مهما بلغت أهمية هذه المباراة.

قد يعتبر موقفاً بطوليّاً من اللاعب، وقد يكسب فريقه المباراة من خلال هذا الموقف، لكن كل هذه الإيجابيات ستنصهر أمام الأضرار المترتبة على قرار المشاركة؛ لذلك وفي هذا الجانب تحديداً تقع المسؤولية على المسؤولين عن الفريق؛ لمنع هذا التجاوز مهما بلغت أهميته، فإن تخسر مباراةً أقل ضرراً بكثيرٍ من أن تخسر نجماً موهوباً ينتظره مستقبلٌ كبيرٌ في كرة القدم.

أكتب هذا المقال قبل مباراة النصر وتراكتور الإيراني، ولا أعلم لمن ستذهب النتيجة، لكن أن يشارك لاعبٌ مصابٌ بقيمة «عبد الإله العمري» فهو أمرٌ مرفوضٌ تماماً مهما بلغ إصرار اللاعب على المشاركة، وإن حدث وشارك، فالأمر يجب أن يخضع للمساءلة والتحقيق ومحاسبة اللاعب وإدارة الكرة بكل مكوناتها.

ودمتم بخير،،،