-A +A
رامي الخليفة العلي
استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان في منطقة نيوم في زيارة لافتة للنظر من جوانب متعددة. أهمية الزيارة تنبع من توقيتها والمواضيع التي تطرقت لها ودلالاتها خصوصا في ما يتعلق بتغيير عميق يطال بنية العلاقات بين دول المنطقة. فهذه الزيارة تناولت بدون شك عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل والأوضاع في اليمن خصوصا أن مسقط لها علاقات تاريخية مع اليمن كفعاليات مدنية وقبلية، وبالتالي هي مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور في أي عملية سياسية. كما أن عمان تحتفظ بعلاقات جيدة مع أطراف متعددة ويمكن أن تكون بيضة القبان في تسويات سياسية تتجاوز الملف اليمني إلى ملفات أخرى. والملف الاقتصادي كان أساسيا على طاولة المحادثات بين الدولتين الشقيقتين، ولا بد أن المباحثات تطرقت إلى مشروع (الدقم)، وهو مشروع قديم يهدف إلى تحويل منطقة الدقم إلى ميناء على بحر العرب ويتم تمديد أنابيب النفط من المملكة إليها، كما أن المملكة والسلطنة يسعيان إلى ربط البلدين بطرق برية بحيث يتم إنشاء ممرات تجارية تصب في مصلحة البلدين. إذن نحن أمام عملية تكامل اقتصادي يمكن أن تكون نموذجا بين دول المنطقة.

الزيارة الرسمية لافتة في توقيتها أيضا فهي تأتي في ظل متغيرات عميقة تطال المنطقة برمتها ونشاط دبلوماسي بين أكثر من دولة، والمملكة العربية السعودية حجر أساس في هذه التطورات، فالمملكة كانت سباقة إلى استشعار تلك التغيرات، لذلك عمدت المملكة إلى استضافة قمة العلا في نهاية العام الماضي، كما استقبلت أمير دولة قطر، كل ذلك مهد لمقاربة مختلفة تجاه قضايا كثيرة لعل من أبرزها الوضع في اليمن والمبادرة السعودية التي حركت المياه الراكدة في الملف اليمني بالرغم من التعاطي السلبي من قبل جماعة الحوثي ومن يقف خلفها. ثم العلاقات السعودية ـ العراقية التي فتحت صفحة جديدة عبر زيارات متعددة لكبار المسؤولين في البلدين. كذلك المقاربة المختلفة من الملف السوري. وتبريد الكثير من الملفات.


هناك عاملان أساسيان ساهما في التغييرات المتسارعة التي نشهدها على مستوى المنطقة، الأول هو مجموعة من التغيرات على المستوى الدولي من أهمها وصول إدارة أمريكية جديدة هي إدارة بايدن وعودة إلى سياسات تقليدية مختلفة عن إدارة سلفه ترامب، أضف إلى ذلك ناقوس الحرب الباردة بين بكين وواشنطن والذي يضرب بقوة ويغير الكثير من المعطيات في المنطقة. أما العامل الآخر فهو رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، حيث ترغب الرياض أن تكون مركزا اقتصاديا للمنطقة بما يعود بالنفع على المملكة وشعبها وعلى شعوب المنطقة برمتها، وهذا يجعل السياسة في خدمة الاقتصاد حيث المعيار هي مصلحة الوطن السعودي.

هناك بعض القراءات المتسرعة التي ترى أن هناك تحالفات جديدة في المنطقة سوف تكون على حساب تحالفات قديمة وهذه رؤية ليست في محلها، المملكة سعت وتسعى إلى بناء علاقات متينة مع مختلف الأطراف بما يصب في مصلحة شعوب المنطقة برمتها.