-A +A
عبداللطيف الضويحي
لماذا 13 منطقة إدارية في المملكة؟ هل هذه المناطق أكثر مما يجب أم أقل مما ينبغي؟ وعلى ماذا ينطوي مفهوم منطقة إدارية؟ هل هي المساحة الجغرافية أم عدد السكان أم الاثنان معا، أم أن اعتبارات أخرى كذلك؟

انطلاقا من الرؤية 2030 التي هي المرجعية الحقيقية نسبةً إلى حجم الأهداف الإستراتيجية التي تستند إليها وتنبني عليها والبرامج والنتائج والمؤشرات المنبثقة عن كل هدف، بالاتساق والتناغم مع التحديثات الهيكلية والإجرائية التي تتم تشهدها الهياكل التنظيمية العامة، قد تكون الحاجة تبلورت في هذه المرحلة، لدراسة وتحليل ومراجعة الهياكل التنظيمية في كل منطقة إدارية.


بعض القضايا التنموية رغم أهميتها وإلحاحها على مستوى كافة المناطق، إلا أن البحث عن حلول لها في تصوري يبدأ من كل منطقة على حدة. البطالة والاستثمار على سبيل المثال من أهم وأقوى عوامل الحلول التنموية على مستوى المناطق.

من هنا نحن بحاجة إلى وضع هوية اقتصادية لكل منطقة من المناطق الإدارية الثلاث عشرة قبل الانخراط في البحث عن حلول عميقة وجذرية لمشكلة البطالة والاستثمار وغيرهما من القضايا المستقبلية.

فمثلما نجحت الإستراتيجية الزراعية ببلورة وإنتاج هوية زراعية لكل منطقة من المناطق الزراعية السعودية استنادا إلى عوامل نجاح زراعة محاصيل ومنتجات زراعية معينة وعدم استهلاك كميات كبيرة من المياه، هناك حاجة لتعميم هذه المنهجية على قطاعات أخرى مثل الصناعة والتجارة والسياحة والرياضة والثقافة وغيرها.

إن وجود حرفة أو مهنة معينة في منطقة بعينها يجب البناء عليه ليكون مرتكزا أساسيا في بلورة هوية هذه المنطقة اقتصاديا، كما أن وجود مورد أو موارد طبيعية معينة في إحدى المناطق الثلاث عشرة، عامل أساسي في بلورة هوية تلك المنطقة اقتصادياً، ويستحسن أن يتم تنميتها واستثمارها كي تصبح ميزة نسبية لاقتصاد تلك المنطقة وسكانها.

كما أن وجود خاصية ثقافية أو فنية أو سياحية أو رياضية لمنطقة معينة أو بين سكان منطقة معينة لا بد أن يكون بذرة يستحسن أن يتم استثمارها وتنميتها لرسم هوية هذه المنطقة اقتصادياً؛ ليصبح ميزة نسبية لتلك المنطقة وسكانها.

كما أن وجود طقس أو مناخ أو موقع جغرافي لمنطقة معينة، لا بد أن يكون ملهماً في بلورة هوية اقتصادية لتلك المنطقة وبذرة يستحسن أن يتم تنميتها واستثمارها لرسم هوية هذه المنطقة اقتصادياً كي تصبح ميزة نسبية لتلك المنطقة وسكانها.

كما أن مجاورة إحدى المناطق الثلاث عشرة لدولة من الدول المجاورة للمملكة العربية السعودية، تعد ميزة للمنطقة وبذرة يستحسن أن يتم تنميتها واستثمارها كي تصبح ميزة نسبية لاقتصاد تلك المنطقة وسكانها.

هذا التصور يجب ألا يكون بمعزل عن جامعة أو جامعات المنطقة، التي لا بد من دور محوري لها في رسم الهوية الاقتصادية للمنطقة من خلال برامجها الأكاديمية والابتكارات والتطوير والدراسات.

لكن كل ما تقدم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال جهاز في كل منطقة يتمتع بالمرونة الكافية لاستيعاب وتنمية كل منطقة بما لديها ولدى سكانها من موارد طبيعية وبشرية وثقافات وخصائص بيئية وطبيعية دون سواها.