-A +A
ميّ خالد
في كتاب حديث صدر هذا العام ٢٠٢١م، بعنوان سياسة الكارثة ولاقى رواجا واسعا بين القراء والمهتمين، يقرر مؤلفه «فيرغسون» أن: (كل الكوارث التي لحقت بالبشرية من صنع الإنسان على مستوى ما).

وهو كتاب تاريخي لا يبحث في الأحداث التاريخية بوصفها أحداثا مفردة ومنبتة عن بعضها بل هي وحدة واحدة حدثت كنتيجة تراتبية.


يبدأ الكتاب بقصة اختفاء ورق التواليت من المتاجر في بداية جائحة كورونا حتى يصل لإعصار كاترينا وغيره من الكوارث الطبيعية، فيقول مثلا إن الإخفاقات التي أعقبت إعصار كاترينا كانت نتيجة للقرارات التي اتخذت قبل حدوث العاصفة من حيث بناء وتصميم السدود، وبعد ذلك من حيث الاستجابة البيروقراطية البطيئة. يروي ذلك في سرد استقصائي تاريخي ممتع، ويقول إن أزمة محطة فوكوشيما النووية نتجت عن قرارات واعية بعدم بناء جدران بحرية عالية بما فيه الكفاية، على الرغم من التحذيرات من أن مثل هذا التسونامي سيعرض أنظمة الدعم للمفاعلات للخطر. حتى الدمار الذي لحق بجبل فيزوف عام 79 بعد الميلاد كان نتيجة قرار الرومان العيش في ظل البركان، كانت ثورة البركان بحد ذاتها حدثًا جيولوجياً، لكن قرارات البشرية هي التي جعلت منها كارثة.

أهم درس نستخلصه من الكتاب هو أننا نغفل حقيقة تاريخية مهمة وهي أن الكارثة الكبيرة أو الانهيار الكبير هو في الواقع نتيجة لمئات الكوارث الأصغر حجما.

إن انهيار الإمبراطورية الرومانية ليس نتيجة غزو أو هزيمة أو أزمة اقتصادية واحدة محددة، ولكنه نتيجة لمئات من الكوارث الأصغر التي ساهمت جميعها في إنهاء واحدة من أعظم الإمبراطوريات في تاريخ البشرية.