-A +A
حمود أبوطالب
في مخطط الخريف العربي كانت مصر الهدف الإستراتيجي والجائزة الكبرى للمشروع، ولذلك واجهت أشد وأشرس وأقبح أساليب الضغط من إدارة الرئيس أوباما وزمرته لإسقاطها سياسياً واقتصادياً حين قاومت ونجحت في تحييد الخطر الذي لم تواجه مثيلاً له في تأريخها الحديث، ولمعرفة المملكة بما تعنيه وتمثله مصر للأمة العربية، ولعمق وقوة الأواصر بين البلدين، وظّفت المملكة كل أدواتها السياسية ووقفت موقفاً قوياً حاسماً أمام المجتمع الدولي كي لا تتضرر مصر بأي شكل من الأشكال، وقدمت لها كل أنواع الدعم كي تستعيد توازنها وتعود إلى موقعها الطبيعي. وها هي تعود أقوى وأكبر تأثيراً بممارسة دورها الريادي في معادلات المنطقة.

في أحداث غزة الأخيرة لم يكن أمام إدارة الرئيس بايدن إلا الاستعانة بمصر التي تعرف بخبرتها الطويلة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي كيف تدير أوراق أزماته، تحركت الدبلوماسية المصرية العريقة بسرعة وبراعة لتهندس إطفاء النار والدمار الذي لحق بغزة، ثم لتثبيت الهدنة، وإعادة الإعمار، والأهم من ذلك الاختراق الذي حدث في جمود مسار الحل السياسي للقضية الفلسطينية. لم يجد الرئيس بايدن بداً من الإشادة بالدور المصري في تصريحاته بعد نجاح إيقاف المواجهة غير المتكافئة، ثم ألحق تصريحاته باتصال مطول مع الرئيس السيسي يوم الإثنين شكر خلاله مصر على «دبلوماسيتها الناجحة وتنسيقها مع الولايات المتحدة لإنهاء الأعمال العدائية الأخيرة في إسرائيل وغزة وضمان عدم تكرار العنف»، وعلّق الرئيس السيسي على الاتصال بقوله: «سعدت اليوم بحديثي المطول مع فخامة الرئيس بايدن والذي اتسم بالتفاهم والصراحة والمصداقية في كافة الموضوعات التي تهم البلدين والمنطقة». وبحسب ما صرح به وزير الخارجية المصري فإنه بعد تثبيت الهدنة سيتم الإعداد للقاء دولي للسلام، وقد كلف بايدن وزير خارجيته بزيارة المنطقة للتباحث مع الشركاء في الترتيبات المقبلة.


إن عودة مصر لدورها الحيوي ضرورة مهمة لأمن وسلم المنطقة وليس للقضية الفلسطينية فحسب، وقد تمت الإشارة إلى أوضاع ليبيا والعراق وغيرها من الملفات المهمة في المنطقة ضمن المواضيع التي تطرق لها الاتصال بين الرئيسين بايدن والسيسي، كما ذكرت وسائل الإعلام.

تستطيع مصر والمملكة ومعهما الدول العربية التي تشاركهما ذات الرؤية حيال قضايا المنطقة وأزماتها، تحقيق نتائج إيجابية كبيرة تحيّد محاولات الأطراف الخارجية ووكلائها لإشعال الحرائق وزعزعة أمن وسلم المنطقة.